المسألة السادسة

ومن التأويلات البعيدة تأويل أبي حنيفة في قوله تعالى ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ) حيث إنه قال باعتبار الحاجة مع القرابة وحرمان من ليس بمحتاج من ذوي القربى ، وهو بعيد جدا ، لأن الآية ظاهرة في إضافة الخمس إلى كل ذوي القربى ، بلام التمليك والاستحقاق مومئة إلى أن مناط الاستحقاق هو القرابة فإنها مناسبة للاستحقاق إظهارا لشرفها وإبانة لخطرها ، وحيث رتب الاستحقاق على ذكرها في الآية ، كان ذلك إيماء إلى التعليل بها ، فالمصير بعد ذلك إلى اعتبار الحاجة يكون تخصيصا للعموم ، وتركا لما ظهر كونه علة مومأ إليها في الآية ، وهو صفة القرابة ، وتعليلا بالحاجة المسكوت عنها ، وهو في غاية البعد .

[ ص: 61 ] فإن قيل : ما ذكرتموه بعينه لازم على قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي باعتبار الحاجة مع اليتم في سياق الآية .

قلنا : المختار من قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إنما هو عدم اعتبار الحاجة مع اليتم ، وبتقدير القول بذلك فاعتبار الحاجة إنما كان لأن لفظ اليتم مع قرينة إعطاء المال مشعر بها ، فاعتبارها يكون اعتبارا لما دل عليه لفظ الآية ؛ لأنه إلغاء له واليتم بمجرده عن اقتران الحاجة به غير صالح للتعليل ، بخلاف القرابة فإن القرابة بمجردها مناسبة للإكرام باستحقاق خمس الخمس >^[1] كما ذكرناه فاعتبار الحاجة معها يكون تركا للعمل بما ظهر كونه علة وعمل بغيره وهو مناقضة لا تأويل .