الإحكام في أصول الأحكام

الآمدي - علي بن محمد الآمدي

صفحة جزء
المسألة السادسة عشرة

اختلفوا في جواز تعليل حكم الأصل بعلة متأخرة عن ذلك الحكم في الوجود ، وذلك كتعليل إثبات الولاية للأب على الصغير الذي عرض له الجنون بالجنون ، فإن الولاية ثابتة قبل عروض الجنون .

والمختار امتناعه ، وذلك لأن علة حكم الأصل إما أن تكون بمعنى الباعث أو بمعنى الأمارة المعرفة له .

فإن كان الأول فيلزم من تأخر العلة عن الحكم في الوجود أن يكون الحكم قبل ذلك إما لا بباعث أو بباعث غير العلة المتأخرة عنه ; لاستحالة ثبوت الحكم بباعث لا تحقق له مع الحكم .

وإن كان الثاني فهو ممتنع لوجهين :

الأول : ما بيناه من امتناع كون العلة في الأصل بمعنى الأمارة .

الثاني : أنها وإن كانت بمعنى الأمارة فإنما هو في تعريف الحكم ، وقد عرف قبلها ضرورة سبقه في الوجود عليها ، وتعريف المعروف محال .

فإن قيل : ما ذكرتموه إنما يستقيم بتقدير امتناع الحكم الواحد بعلتين وإلا فبتقدير تعليله بعلتين ، فلا يمتنع تعليله بعلة موجودة معه وعلة متأخرة عنه .

قلنا : أما أولا فقد بينا امتناع تعليل الحكم بعلتين في صورة واحدة ، وبتقدير جواز ذلك ، فإنما يجوز لتقدير أن لا تكون إحدى العلتين متقدمة على الأخرى لما بيناه فيما تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية