الإحكام في أصول الأحكام

الآمدي - علي بن محمد الآمدي

صفحة جزء
المسألة الثالثة >[1]

القرآن مشتمل على آيات محكمة ومتشابهة على ما قال تعالى : ( منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ) >[2]

أما المحكم فأصح ما قيل فيه قولان :

الأول أن المحكم ما ظهر معناه ، وانكشف كشفا يزيل الإشكال ويرفع الاحتمال ، وهو موجود في كلام الله تعالى .

والمتشابه المقابل له ما تعارض فيه الاحتمال إما بجهة التساوي كالألفاظ المجملة ، كما في قوله تعالى : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) ، لاحتماله زمن الحيض والطهر على السوية .

وقوله تعالى : ( أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) لتردده بين الزوج والولي .

وقوله : ( أو لامستم النساء ) لتردده بين اللمس باليد والوطء ، أو لا على جهة التساوي كالأسماء المجازية ، وما ظاهره موهم للتشبيه ، وهو مفتقر [ ص: 166 ] إلى تأويل كقوله تعالى : ( ويبقى وجه ربك ) ، ( ونفخت فيه من روحي ) ، ( مما عملت أيدينا ) ، ( الله يستهزئ بهم ) ، ( ومكروا ومكر الله ) ، ( والسماوات مطويات بيمينه ) ، ونحوه من الكنايات والاستعارات المؤولة بتأويلات مناسبة لأفهام العرب

>[3] .

وإنما سمي متشابها لاشتباه معناه على السامع ، وهذا أيضا موجود في كلام الله تعالى .

القول الثاني : إن المحكم ما انتظم وترتب على وجه يفيد إما من غير تأويل ، أو مع التأويل من غير تناقض واختلاف فيه ، وهذا أيضا متحقق في كلام الله تعالى .

والمقابل له ما فسد نظمه واختل لفظه ، ويقال : فاسد ، لا متشابه .

وهذا غير متصور الوجود في كلام الله تعالى .

وربما قيل : المحكم ما ثبت حكمه من الحلال والحرام ، والوعد والوعيد ونحوه .

والمتشابه ما كان من القصص والأمثال ، وهو بعيد عما يعرفه أهل اللغة وعن مناسبة اللفظ له لغة .

التالي السابق


الخدمات العلمية