صفحة جزء
ص - ( مسألة ) الفعل المثبت لا يكون عاما في أقسامه ، مثل : " صلى داخل الكعبة " . فلا يعم الفرض والنفل .

[ ص: 183 ] ومثل : " صلى بعد غيبوبة الشفق " فلا يعم الشفقين ، إلا على رأي .

وكان يجمع بين الصلاتين في السفر : لا يعم وقتيهما .

وأما تكرر الفعل فمستفاد من قول الراوي : " كان يجمع " كقولهم : كان حاتم يكرم الضيف .

وأما دخول أمته فبدليل خارجي ، من قول مثل " صلوا كما رأيتموني أصلي " و " خذوا عني مناسككم " .

أو قرينة كوقوعه بعد إجمال أو إطلاق أو عموم .

أو بقوله : ( لقد كان لكم ) .

أو بالقياس .

قالوا : قد عمم ، نحو : " سها فسجد " " وأما أنا فأفيض الماء " وغيره .

قلنا : بما ذكرناه لا بالصيغة .


ش - الفعل الواقع الذي يمكن أن يكون له أقسام وجهات لا يقتضي عمومه في جميع الأقسام والجهات .

[ ص: 184 ] مثل ما روي أن النبي - عليه السلام - " صلى إذا دخل الكعبة " .

والصلاة قد تكون فرضا وقد تكون نفلا ، فإنه لا يقتضي صدور الفرض والنفل منه .

وكما روي أنه عليه السلام - " صلى بعد غيبوبة الشفق " .

فإن صلاته احتمل أن تقع بعد غيبوبة الشفق الأحمر أو الأصفر ; لأن الشفق يطلق عليهما بالاشتراك اللفظي . فإنه لا يحمل على أنه [ ص: 185 ] صلى بعد غيبوبة الشفقين للاحتياط إلا على رأي من حمل وقوع صلاته بعد غيبوبة الشفقين للاحتياط .

وكما روي أنه - عليه السلام - " كان يجمع بين الصلاتين في السفر " فإنه يحتمل أنه جمعهما في وقت الصلاة الأولى ، ويحتمل أنه جمعهما في وقت الثانية ، فلا يعم وقتيهما على معنى أنه جمعهما في الوقتين .

والفرق بين المثال الأول والأخيرين أن الأول عمومه بحسب الأقسام ، والأخيرين عمومهما بحسب الوقت .

قوله : " وأما تكرر الفعل " إشارة إلى جواب دخل مقدر ، توجيهه أن الفعل يفيد التكرار ، وإفادته التكرار دليل العموم .

أجاب بأن تكرر الفعل غير مستفاد منه لمحل هو مستفاد من قول الراوي ، فإن قول الراوي : " كان النبي عليه السلام يجمع " يفيد التكرار عرفا ، كقول أهل العرف : كان حاتم يكرم الضيف ، فإنه يفيد تكرار إكرام الضيف .

قوله : وأما دخول أمته : إشارة إلى جواب دخل آخر .

[ ص: 186 ] توجيهه أن الفعل يقتضي دخول الأمة فكما صح اقتضاء دخول الأمة فيه صح اقتضاء العموم .

أجاب بأن الفعل نفسه لا يقتضي دخول الأمة فيه ، بل المقتضي لدخول الأمة فيه هو دليل خارجي ; من قول مثل قوله عليه السلام : " صلوا كما رأيتموني أصلي " .

وقوله عليه السلام : " خذوا عني مناسككم " .

أو قرينة مثل وقوع فعله عليه السلام بعد جريان حكم فيه إجمال أو إطلاق أو عموم ، وعرف أنه قصد بيان ذلك المجمل والمطلق والعام .

أو بقوله تعالي : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .

أو بالقياس على فعل النبي ، عليه السلام .

وقوله : " أو بقوله : " لقد كان " ، عطف على قوله : " بدليل خارجي " .

[ ص: 187 ] واحتج الخصم بأنه ثبت العموم بالإجماع في مثل : " سها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة فسجد " .

فيدل على أن فعله يقتضي العموم .

وأيضا : سئل عن كيفية الاغتسال ، وأحال ذلك على معرفة فعل نفسه فقال : " أما أنا فأفيض الماء على رأسي " .

وكذلك سئل عن قبلة الصائم . فقال : " أنا أفعل ذلك " .

[ ص: 188 ] إلى غير ذلك من الأخبار .

ولو لم يكن الفعل مقتضيا للعموم - لما كان كذلك .

أجاب بأن العموم مستفاد من كلام الراوي ؛ فإن الراوي لما أدخل الفاء على " سجد " دل على التكرار ; فإن الفاء يقتضي السببية .

أو غيره من دليل خارجي قول أو قياس ، كما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية