صفحة جزء
ص - وأن لا يكون فرعا ، خلافا للحنابلة والبصري .

لنا : إن اتحدت فذكر الوسط ضائع ، كالشافعية في السفرجل مطعوم ، فيكون ربويا كالتفاح ، ثم يقيس التفاح على البر .

وإن لم تتحد فسد ; لأن الأولى لم يثبت اعتبارها ، والثانية ليست في الفرع ، كقوله في الجذام : عيب يفسخ به البيع ، فيفسخ به النكاح ، كالقرن والرتق ، ثم يقيس القرن على الجب لفوات الاستمتاع ، فإن كان فرعا يخالفه المستدل كقول الحنفي في الصوم بنية النفل : أتى بما أمر به ، فيصح كفريضة الحج ، ففاسد ; لأنه متضمن اعترافه بالخطأ في الأصل .

[ ص: 17 ]
ش - الشرط الثالث : أن لا يكون حكم الأصل فرعا على حكم آخر ، خلافا للحنابلة وأبي عبد الله البصري .

واحتج المصنف على هذا الشرط أنه إن اتحدت العلة الجامعة بين الفرع الأخير والمقيس عليه - مع العلة الجامعة بين المقيس عليه وأصله ، فذكر الوسط ضائع ، لأنه حينئذ يقاس الفرع الأخير على الأصل الأول .

مثال ذلك قول الشافعية : السفرجل مطعوم ، فيكون ربويا كالتفاح ، ثم يقيس التفاح على البر ; لأنه مطعوم . فإن ذكر التفاح الذي هو الوسط ضائع ; لأنه يمكن أن يقيس السفرجل على البر ابتداء .

وإن لم تتحد العلة الجامعة بين الفرع الأخير والمقيس عليه - مع العلة الجامعة بين المقيس عليه وأصله ، فسد القياس ; لأن الأولى - أي العلة الجامعة بين الفرع الأخير والمقيس عليه - لم يثبت اعتبارها ; لأنها ليست بموجودة في أصل المقيس عليه مع أن الحكم ثابت فيه .

والثانية - أي العلة الجامعة بين المقيس عليه وأصله - ليست بموجودة في الفرع الأخير .

مثال ذلك قول الشافعي : الجذام عيب يفسخ به البيع ، [ ص: 18 ] فيفسخ به النكاح كالرتق ، وهو ارتياق محل الجماع باللحم ، والقرن ، وهو عظم في الفرج يمنع الجماع . فإن كل واحد منهما عيب يفسخ به البيع ، فيفسخ به النكاح ، ثم يقيس القرن على الجب بجامع فوات الاستمتاع .

والعلة الأولى ، أي كونه عيبا يفسخ به البيع ، لم يثبت اعتبارها ; لأنها ليست بثابتة في الجب الذي هو أصل المقيس عليه .

والعلة الثانية التي هي فوات الاستمتاع غير موجودة في الفرع الأخير الذي هو الجذام .

هذا إذا كان حكم الأصل فرعا يوافقه المستدل ، أما إذا كان فرعا يخالفه المستدل ، ففاسد ; لأنه يتضمن اعتراف المستدل بخطئه في الأصل ; لأن القياس إنما يتحقق إذا ثبت الحكم في الأصل .

فالمستدل إن لم يعترف بثبوت الحكم فيه ، لم يتمكن من القياس ، وإن اعترف يلزم الاعتراف بالخطأ في الأصل ; لأن المستدل يخالفه .

مثال ذلك قول الحنفي في وقوع الصوم بنية النفل عن الفرض : إنه أتى بما أمر به ، فيصح قياسا على فريضة الحج ، فإنه إذا أتى بالحج بنية النفل - من لم يحج بحجة الإسلام - يقع عن [ ص: 19 ] فريضة الحج . فإن الحنفي لا يقول بوقوع الحج عن فريضة الحج إذا أتى به بنية النفل .

التالي السابق


الخدمات العلمية