صفحة جزء
ص - وفي النقض وهو وجود المدعى علة مع تخلف الحكم .

ثالثها : يجوز في المنصوصة لا المستنبطة .

ورابعها : عكسه .

وخامسها : يجوز في المستنبطة ، وإن لم يكن بمانع ولا عدم شرط . والمختار : إن كانت مستنبطة ، لم يجز إلا بمانع أو عدم شرط ; لأنها لا تثبت عليتها إلا ببيان أحدهما ; لأن انتفاء الحكم إذا لم يكن ذلك لعدم المقتضى ، وإن كانت منصوصة ، فبظاهر عام ، فيجب تخصيصه كعام وخاص ، ويجب تقدير المانع .

لنا : لو بطلت ، لبطل المخصص .

[ ص: 38 ] وأيضا : جمع بين الدليلين ، ولبطلت القاطعة ، كعلل القصاص والجلد وغيرهما .


ش - اختلف الأصوليون في النقض ، وهو وجود المدعي علة مع تخلف الحكم عنه على ستة مذاهب :

أحدها : أنه يجوز تخلف الحكم عنه مطلقا ، أي لا يقدح التخلف في العلية .

وثانيها : أنه لا يجوز تخلف الحكم عنه مطلقا ، أي يقدح في العلية .

وثالثها : أنه يجوز تخلف الحكم في المنصوصة ، ولا يجوز تخلفه في المستنبطة .

ورابعها : عكسه ، أي يجوز تخلف الحكم في المستنبطة ، ولا يجوز تخلفه في المنصوصة .

وخامسها : لا يجوز التخلف في المنصوصة ، ويجوز في المستنبطة ، وإن لم يكن التخلف بمانع ، ولا عدم شرط . ويعلم من ذلك أن المذهب الرابع جواز التخلف في المستنبطة إذا كان بمانع أو عدم شرط .

وسادسها : وهو المختار عند المصنف أن العلة إن كانت مستنبطة ، لا يجوز التخلف عنها إلا بمانع أو عدم شرط ; لأن العلة المستنبطة لا تثبت عليتها عند تخلف الحكم إلا ببيان أحدهما ، أعني [ ص: 39 ] وجود المانع أو عدم الشرط ; لأن انتفاء الحكم إذا لم يكن ذلك ، أي وجود المانع أو عدم الشرط ، تعين أن يكون لعدم المقتضي ، أي العلة ، إذ يمتنع تخلف المعلول عن العلة عند وجود الشرط وعدم المانع .

وإن كانت منصوصة ، فشرط جواز تخلف الحكم عنها ، كون التنصيص بنص ظاهر عام . فيجب حينئذ تخصيص ذلك العام بالنافي للحكم في صورة التخلف ، والعمل بالعلة في غير صورة التخلف ، كعام وخاص إذا اختلفا ، فإنه يخصص العام بالخاص ، ويعمل بالعام في غير صورة التخصيص ، ويجب تقدير المانع في صورة التخلف ، إن لم يظهر مانع للضرورة .

واحتج المصنف على أن تخلف الحكم عن العلة المنصوصة بظاهر عام ، لا يبطل عليتها بثلاثة وجوه :

الأول : أن العلة المنصوصة بظاهر عام لو بطلت بالنقض ، لبطل العام المخصص بظهور الخاص ، والتالي باطل ، لما مر أن العام المخصص يكون حجة .

بيان الملازمة : أن نسبة العلة المنصوصة بظاهر عام إلى موارد الحكم ، كنسبة العام إلى أفراده . فكما أن التخصيص لا يبطل العام بالكلية ، كذلك النقض لا يبطل العلية بالكلية .

الثاني : - أن العام الظاهر دل على العلية ، والنقض دل على [ ص: 40 ] عدم العلية ، فيعمل بالظاهر العام في غير صورة النقض ، ويعمل بالنقض في صورته ; ليكون جمعا بين الدليلين ; لأن الجمع بين الدليلين أولى من إهمالهما أو إهمال أحدهما بالكلية .

الثالث : أن العلة بنص ظاهر لو بطلت بالنقض ، لبطلت العلة القاطعة ، أي المتفق عليها ، كعلل القصاص والجلد وغيرهما بالنقض ; لأن العلة المنصوصة بنص ظاهر لا تتقاعد عن العلة المتفق عليها .

والتالي باطل ; لأن العلل القاطعة قد يتخلف الحكم عنها في بعض الصور ، ولم تبطل عليتها .

التالي السابق


الخدمات العلمية