صفحة جزء
ص - وفي تعليل الحكم بعلتين أو علل ، كل مستقل ، ثالثها للقاضي : يجوز في المنصوصة لا المستنبطة ، ورابعها عكسه .

ومختار الإمام : يجوز ولكن لم يقع .

[ ص: 53 ] لنا : لو لم يجز ، لم يقع ، وقد وقع ، فإن اللمس والبول والغائط والمذي يثبت بكل واحد منها الحدث ، والقصاص والردة يثبت بكل واحد منهما القتل .

قولهم : الأحكام متعددة ، ولذلك ينتفي قتل القصاص ويبقى الآخر ، وبالعكس .

قلنا : إضافة الشيء إلى أحد دليليه لا توجب تعددا ، وإلا لزم مغايرة حدث البول لحدث الغائط .

وأيضا : لو امتنع ، لامتنع تعدد الأدلة ; لأنها أدلة .


ش - اختلفوا في جواز تعليل الحكم الواحد بعلتين أو بعلل ، كل واحدة منها مستقلة بالعلية على خمسة مذاهب :

أولها : يجوز مطلقا ، وهو المختار عند المصنف .

وثانيها : لا يجوز مطلقا .

وثالثها : يجوز في العلة المنصوصة ، لا المستنبطة ، وهو مذهب القاضي .

ورابعها : عكسه ، أي يجوز في العلة المستنبطة ، لا المنصوصة .

وخامسها : أنه يجوز ، ولكن لم يقع ، وهو مختار إمام الحرمين ، واحتج المصنف على المختار عنده بوجهين :

الأول : أنه لو لم يجز تعليل الحكم الواحد بعلل ، كل منها [ ص: 54 ] مستقلة ، لم يقع ، والتالي باطل .

أما الملازمة فظاهرة ; لأن الوقوع دليل الجواز ، وأما بطلان التالي ; فلأن اللمس والبول والغائط والمذي كل منها علة مستقلة للحدث .

وكذلك كل واحد من القتل العمد العدوان والردة علة مستقلة للقتل .

فإن قيل : النزاع في الحكم الواحد ، وفي هاتين الصورتين الأحكام متعددة ; لأن القتل بالردة غير القتل بالقصاص ، فلذلك ينتفي القتل بالردة ، ويبقى الآخر فيما إذا كان القاتل ارتد بعد القتل ، ثم أسلم قبل القصاص ، فإن القتل بالردة انتفى ويبقى القتل بالقصاص ، وبالعكس ، أي ينتفي القتل بالقصاص ويبقى الآخر فيما إذا عفا الولي عن القصاص .

أجيب بأن الحكم واحد ، والتعدد في إضافته إلى العلل المتعددة ، وإضافة الشيء إلى أحد دلائله وعدم إضافته إلى دليل آخر لا يوجب التعدد في الشيء .

ولو كان تعدد إضافة الشيء إلى علله يوجب تعدده ، للزم مغايرة حدث البول لحدث الغائط ; لتعدد إضافته إلى علله .

الثاني : أنه لو امتنع تعدد العلة ، لامتنع تعدد الأدلة ; لأن [ ص: 55 ] العلل أيضا أدلة لكونها معرفة للأحكام .

والتالي باطل باتفاق ; إذ يجوز أن يكون لمدلول واحد أدلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية