صفحة جزء
[ ص: 476 ] [ ص: 477 ] 2 - السنة .

ص - السنة .

( مسألة ) : الأكثر على أنه لا يمتنع عقلا على الأنبياء - عليهم السلام - معصية .

وخالف الروافض . وخالف المعتزلة إلا في الصغائر . ومعتمدهم التقبيح العقلي .

والإجماع على عصمتهم بعد الرسالة من تعمد الكذب في الأحكام ; لدلالة المعجزة على الصدق .

وجوزه القاضي غلطا ، وقال : دلت على الصدق اعتقادا . وأما غيره من المعاصي ، فالإجماع على عصمتهم من الكبائر ، وصغائر الخسة . والأكثر على جواز غيرهما .


ش - لما فرغ من الكتاب ، شرع في السنة ، وذكر أحكامها في أربع مسائل .

[ ص: 478 ] المسألة الأولى : في بيان [ أن ] الأنبياء - عليهم السلام - هل هم معصومون أم لا ؟

وهذه المسألة كالمقدمة للمسائل الأخر . وذلك لأن السنة لما كانت منقسمة إلى الأفعال والأقوال والتقارير ، وجب أن يبحث أولا عن الأفعال والأقوال في أنها هل تكون [ حقة ] يجب علينا التأسي بها أم لا ؟ وذلك إنما يتحقق بعد بيان عصمتهم .

فنقول : ذهب أكثر الأصوليين إلى أنه لا يمتنع عقلا أن يصدر ، قبل البعثة ، من الأنبياء - عليهم السلام - صغيرة كانت أو كبيرة .

وخالفهم الروافض مطلقا ، أي لا يجوز أن يصدر عنهم ، قبل البعثة ، معصية ، صغيرة كانت أو كبيرة .

وخالفهم المعتزلة إلا في الصغائر ، أي لا يجوز أن يصدر عنهم الكبائر ، ويجوز أن يصدر عنهم ، قبل البعثة ، الصغائر .

ومعتمد الفريقين : التقبيح العقلي ; لأن إرسال من لم يكن معصوما من الكبائر - كما هو عند المعتزلة - ومن الكبائر والصغائر - كما [ ص: 479 ] هو عند الروافض - يوجب التنفير عنه ، وهو مناف لمقتضى الحكمة ، فيكون قبيحا عقلا . وأما بعد البعثة والرسالة فالإجماع منعقد على عصمتهم من تعمد الكذب في الأحكام وما يتعلق بها ; لأن المعجزة دلت على صدقهم فيها . فلو جاز كذبهم فيها لبطل دلالة المعجزة .

واختلفوا في جواز صدور الكذب منهم غلطا ، فجوزه القاضي ، وقال : دلالة المعجزة على صدقهم فيما صدر عنهم قصدا واعتقادا . وما صدر عنهم غلطا فالمعجزة لا تدل على صدقهم فيه .

وأما غير الكذب من المعاصي ، فالإجماع منعقد على عصمتهم من الكبائر مطلقا ، والصغائر الدالة على خسة فاعله ونقص مروءته ، كسرقة كسرة .

وأما غير الكبائر والصغائر الخسيسة فالأكثر على جواز صدورها منهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية