صفحة جزء
ص - ( مسألة ) : لو ندر المخالف مع كثرة المجمعين ، كإجماع غير ابن عباس - رضي الله عنهما - على العول ، وغير أبي موسى على أن النوم ينقض الوضوء ، لم يكن إجماعا قطعيا ; لأن الأدلة لا تتناوله .

والظاهر أنه حجة لبعد أن يكون الراجح متمسك المخالف .

[ ص: 555 ]
ش - المسألة الرابعة في أن اتفاق الأكثر على حكم ، مع مخالفة الأقل ، هل ينعقد إجماعا أم لا ؟

فقال أكثر الأصوليين : لو خالف بعض المجتهدين ، ولو كان واحدا ، مع كثرة المجمعين ، كإجماع غير ابن عباس على العول في الفرائض ، وكإجماع غير أبي موسى على أن النوم ينقض الوضوء ، لم يكن إجماعا قطعا ، أي حجة قطعية .

[ ص: 556 ] وخالفهم أبو الحسين الخياط من المعتزلة ، ومحمد بن جرير الطبري وأبو بكر الرازي . واختار المصنف مذهب الأكثر .

واحتج عليه بأن اتفاق الأكثر مع مخالفة الأقل ليس بإجماع قطعا ; لأن الأدلة الدالة على ثبوت الإجماع ، لم تتناول اتفاق الأكثر مع مخالفة الأقل ; إذ لفظ " الأمة " ولفظ " المؤمنين " يفيد العموم ، فتخصيصه بالبعض بدون ضرورة ومخصص تحكم .

ثم القائلون بكونه ليس بإجماع قطعا ، اختلفوا في أنه هل يكون حجة أم لا ؟

[ ص: 557 ] فقال قوم : لا ، وقال الآخرون : نعم . واختار المصنف الأخير ، وقال : والظاهر أنه حجة ; لأن أحد القولين لا بد وأن يكون حقا ، ويبعد أن يكون قول الأقل راجحا ; إذ الغالب أن متمسك الواحد المخالف للجمع العظيم يكون مرجوحا .

ولأن قوله - عليه السلام - " عليكم بالسواد الأعظم " يدل على رجحان قول الأكثر . وإذا كان راجحا ، وجب العمل به ، وإلا يلزم الترك بالدليل الراجح والعمل بالمرجوح ، وهو باطل .

التالي السابق


الخدمات العلمية