صفحة جزء
ص - ( مسألة ) : لا يشترط عدد التواتر عند الأكثر . لنا دليل السمع .

فلو لم يبق إلا واحد - فقيل : حجة ; لمضمون السمعي . وقيل : لا ; لمعنى الاجتماع .


ش - المسألة الثامنة في أنه هل يشترط أن يبلغ أهل الإجماع عدد التواتر أم لا ؟ فمن أخذ الإجماع من دليل العقل واستحالة الخطأ بحكم العادة يلزمه الاشتراط .

والذين استدلوا بالسمعي فقد اختلفوا فيه . فعند الأكثر منهم لا يشترط . واحتجوا بأن دليل السمع على حجية الإجماع ، مثل قوله تعالى : [ ص: 574 ] ويتبع غير سبيل المؤمنين ، وقوله - عليه السلام - : " لا تجتمع أمتي على الخطأ " عام يتناول عدد التواتر ودونه ; لأن " الأمة " و " المؤمنين " أعم منهما ، ولم يظهر مخصص ، فيجرى على عمومه .

وعند بعض منهم يشترط عدد التواتر ; لأنهم إذا لم يبلغوا عدد التواتر لم يعلم إيمانهم بقولهم عن إجماعهم على حكم .

وهذا الاستدلال فاسد ; لأنه يعلم إيمانهم بقوله - عليه السلام - : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى يأتي أمر الله " و " حتى يظهر الدجال " فإذا لم يكن على وجه الأرض مسلم سواهم ، فهم على الحق .

هذا إذا بقي أكثر من واحد ، فأما إذا لم يبق - والعياذ بالله - غير واحد ، فهل قوله حجة ، فيه خلاف : [ ص: 575 ] فقيل ; لأن مضمون الدليل السمعي دل على أن قول الأمة حجة . والأمة كما تطلق على الجماعة تطلق على الواحد . كقوله تعالى : إن إبراهيم كان أمة .

وقيل : ليس بحجة ; لأن الإجماع إنما يتصور عند الاجتماع ، وأقل ما يقع فيه الاجتماع اثنان فصاعدا .

والمذهب الثاني أظهر ; لأن " الأمة " لا تطلق على الواحد إلا مجازا ، والأصل عدمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية