صفحة جزء
6 - ( 328 ) : حدثني عمي ، قال : ثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة عن مجالد بن سعيد ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن الحارث ، قال اجتمع ابن عباس وكعب ، [ ص: 561 ] فقال ابن عباس : إنا بنو هاشم ، نزعم أو نقول : إن محمدا رأى ربه مرتين ، قال : فكبر كعب حتى جاوبته الجبال ، فقال : (إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى ، صلى الله عليهما وسلم ، فرآه محمد - صلى الله عليه وسلم بقلبه ، وكلمه موسى .

قال مجالد : قال الشعبي : فأخبرني مسروق ، أنه قال لعائشة : أى أمتاه هل رأى محمد ربه قط ؟ قالت : إنك تقول قولا ، إنه ليقف منه شعري ، قال : قلت رويدا قال : فقرأت عليها : والنجم إذا هوى إلى قوله قاب قوسين أو أدنى [ ص: 562 ] فقالت : أين يذهب بك ؟ أنما رأى جبريل صلى الله عليه وسلم في صورته ، من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب ، ومن حدثك أنه يعلم الخمس من الغيب فقد كذب ، إن الله عنده علم الساعة . . . . إلى آخر السورة .

قال عبد الرزاق : فذكرت هذا الحديث لمعمر ، فقال : ما عائشة عندنا بأعلم من ابن عباس .

قال أبو بكر : لو كنت ممن استحل الاحتجاج بخلاف أصلي ، واحتججت بمثل مجالد ، لاحتججت أن بني هاشم قاطبة ، قد خالفوا عائشة رضي الله عنها ، في هذه المسألة ، وأنهم جميعا كانوا (يثبتون أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه ، مرتين) .

فاتفاق بني هاشم عند من يجيز الاحتجاج بمثل مجالد أولى من انفراد عائشة بقول لم يتابعها صحابي ، يعلم ، ولا امرأة من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم ، ولا من التابعات ، وقد كنت قديما أقول : لو أن عائشة حكت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما [ ص: 563 ] كانت تعتقد في هذه المسألة أن النبي - صلى الله عليه وسلم لم ير ربه - جل وعلا - وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلمها ذلك ؛ وذكر ابن عباس رضي الله عنهما وأنس بن مالك وأبو ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم أنه رأى ربه ، لعلم كل عالم يفهم هذه الصناعة أن الواجب من طريق العلم والفقه قبول قول من روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم أنه رأى ربه ، إذ غير جائز أن تكون عائشة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لم أر ربي قبل أن يرى ربه ، عز وجل ، ثم تسمع غيرها أن النبي صلى الله عليه وسلم يخبر أنه قد رأى ربه ، بعد رؤيته ربه ، فيكون الواجب من طريق العلم قبول خبر من أخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم رأى ربه ؛ وقد بينت هذا الجنس في المسألة التي أمليتها في ذكر بسم الله الرحمن الرحيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية