الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
43 - ومنها التوضؤ من الحوض أفضل من النهر بحضرة من لا يراه ، وإلا لا . ومنها لو خاف فوت الركعة لو مشى إلى الصف ، ففي اليتيمة : الأفضل إدراكه في الركوع ، وقول النووي في شرح المهذب لم أر فيه لأصحابنا ولا لغيرهم شيئا فقصور


( 43 ) قوله : ومنها التوضؤ من الحوض أفضل .

أقول إنما كان ذلك أفضل [ ص: 25 ] لقصد مخالفة زعم المعتزلة وذلك ; لأن المعتزلة من الحنفية خالفوا سائر الحنفية في أن الجوار منجس فلو وقع في الحوض جزء لا يتجزأ من النجس يصير الكل نجسا فصار تجاوز هذا المجاور نجسا إلى آخر الحوض على رأيهم ، وقال سائر الحنفية إن الجوار ليس بمنجس بل المنجس هو السريان ففي الفرع المذكور لا يصير مجاور مجاوره نجسا ولا يمكن سراية ذلك الجزء إلى سائر الأجزاء ; لأنه غير قابل للتجزئة أصلا فلا يكون ذلك الحوض نجسا عندهم .

إذا تقرر هذا فنقول : الحوض لا يخلو عن جزء من النجس أصلا بخلاف الماء الجاري لجريانه فينبغي أن يكون التوضؤ بالماء الجاري أفضل اتفاقا إلا أنه قصد إيقاع المخالفة فكان التوضؤ من الحوض أفضل من التوضؤ بالماء الجاري لأجل إرغام المعتزلة في قولهم يتنجس بالجوار وللتنبيه على أن زعمهم باطل قطعا كيف ولو كان حقا للزم أن لا يجوز التوضؤ من الحوض أصلا وليس كذلك بالإجماع

التالي السابق


الخدمات العلمية