صفحة جزء
159 - فصل

[ إجبار الزوجة الذمية على الطهارة ] .

للمسلم إجبار زوجته الذمية على الغسل من الحيض ، وقد قال أحمد في رواية حنبل : يأمرها بالغسل من الجنابة ، فإن أبت لم يتركها .

وقد علق القول في رواية صالح في المشركة : يجب عليها الغسل من الجنابة والحيض ، فإن لم تغتسل فلا شيء عليها ، الشرك أعظم .

[ ص: 818 ] قال القاضي : وظاهر هذا أنه لم يوجب ذلك عليها عند امتناعها ، قال : وهذا محمول على أنها امتنعت ولم يوجد من الزوج مطالبة بالغسل ، قال : والدلالة على أن له إجبارها على ذلك : أن بقاء الغسل يحرم عليه الوطء الذي يستحقه ، وكان له إجبارها عليه ، لاستيفاء حقه ، كما له إجبارها على ملازمة المنزل ، والتمكين من الاستمتاع ، ليتوصل بذلك إلى استيفاء حقه .

فأما الغسل من الجنابة ، فهل للزوج أن يجبرها عليه ؟ فقد أطلق القول في رواية حنبل وقال : يأمرها بالغسل من الجنابة ، فإن أبت لم يتركها ، وظاهر هذا أن له إجبارها ، وقال في رواية مهنا في رجل تزوج نصرانية فأمرها بتركه ( يعني شرب الخمر ) : فإن لم تقبل ليس له أن يمنعها .

وظاهر هذا يقتضي أنه لا يملك إجبارها على الغسل من الجنابة ، كما لم يملك إجبارها على الامتناع من شرب الخمر ؛ لأنه يمنع من كمال الوطء ، ولا يمنع من أصله .

وجه الرواية الأولى أن بقاء الغسل عليها يمنعه من كمال الاستمتاع ، فإن النفس تعاف وطء من لا تغتسل من الجنابة ، فيفوته بذلك بعض حقه ، فكان له إجبارها كما كان له في الاغتسال من الحيض .

[ ص: 819 ] ووجه الثانية أن بقاء غسل الجنابة عليها لا يحرم عليه وطأها ، فلم يكن له إجبارها على ذلك ، ويفارق هذا غسل الحيض ؛ لأن بقاءه محرم عليها ، وهاتان الروايتان أصل لكل ما لم يمنعه من أصل الاستمتاع ، لكنه يمنعه من كماله ، هل له إجبارها عليه أم لا ؟ على روايتين في ذلك :

إحداهما : له ذلك إذا كان عليها وسخ ، ودرن ، وأراد إجبارها على إزالته لأن النفس تعاف الاستمتاع مع وجوده .

والثانية : ليس له ذلك .

وأما أخذ الشعر ، وتقليم الأظفار ، فينظر ، فإن طال الشعر واسترسل بحيث يستقذر ، ويمنع الاستمتاع ، فله إجبارها على إزالته : رواية واحدة ، وإن لم يخرج عن حد العادة ، لكنه طال قليلا ، وكانت النفس تعافه فعلى الروايتين .

وكذلك الأظفار : إن طالت وخرجت عن حد العادة ، فصار يستقبح منظرها ، ويتعذر الاستمتاع معها ، كان له إجبارها على إزالتها : رواية واحدة ، وإن لم يخرج عن حد العادة ، لكن النفس تعافها ، فعلى الروايتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية