صفحة جزء
217 - فصل

[ نقل الكنيسة من مكان لآخر ]

هذا حكم إنشاء الكنائس وإعادتها ، فلو أرادوا نقلها من مكان إلى مكان وإخلاء المكان الأول منها ، فصرح أصحاب الشافعي بالمنع .

قالوا : لأنه إنشاء لكنيسة في بلاد الإسلام ، والذي يتوجه أن يقال : إن منعنا إعادة الكنيسة إذا انهدمت منعنا نقلها بطريق الأولى ، فإنها إذا لم تعد إلى مكانها الذي كانت عليه فكيف تنشأ في غيره ؟ وإن جوزنا إعادتها فكان نقلها من ذلك المكان أصلح للمسلمين ؛ لكونهم ينقلونها إلى موضع خفي لا يجاوره مسلم ، ونحو ذلك جائز بلا ريب ، فإن هذا مصلحة ظاهرة للإسلام والمسلمين ، فلا معنى للتوقف فيه ، وقد ناقلهم المسلمون من الكنيسة التي كانت جوار جامع دمشق إلى بقاء الكنائس التي هي خارج البلد ؛ لكونه أصلح للمسلمين .

وأما إن كان النقل لمجرد منفعتهم وليس للمسلمين فيه منفعة ؛ فهذا لا يجوز ، لأنه إشغال رقبة أرض الإسلام بجعلها دار كفر ، فهو كما لو أرادوا جعلها خمارة أو بيت فسق وأولى بالمنع ، بخلاف ما إذا جعلنا مكان [ ص: 1220 ] الأولى مسجدا يذكر الله فيه وتقام فيه الصلوات ، ومكناهم من نقل الكنيسة إلى مكان لا يتأتى فيه ذلك ، فهذا ظاهر المصلحة للإسلام وأهله ، وبالله التوفيق .

فلو انتقل الكفار عن محلتهم وأخلوها إلى محلة أخرى ، فأرادوا نقل الكنيسة إلى تلك المحلة وإعطاء القديمة للمسلمين فهو على هذا الحكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية