[ ص: 1173 ] ذكر حكم الأمصار التي وجدت فيها هذه الأماكن ، وما يجوز إبقاؤه ، وما تجب إزالته ومحو رسمه .
البلاد التي تفرق فيها أهل الذمة والعهد ثلاثة أقسام :
أحدها : بلاد أنشأها المسلمون في الإسلام .
الثاني : بلاد أنشئت قبل الإسلام فافتتحها المسلمون عنوة وملكوا أرضها وساكنيها .
الثالث : بلاد أنشئت قبل الإسلام وفتحها المسلمون صلحا .
فأما القسم الأول :
[ بلاد أنشأها المسلمون في الإسلام ] .
فهو مثل البصرة والكوفة وواسط وبغداد والقاهرة .
أما البصرة والكوفة فأنشئتا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
قال يزيد بن هارون : أخبرنا زياد بن أبي زياد ، حدثنا عبد الرحمن بن [ ص: 1174 ] أبي بكرة ، عن نافع بن الحارث قال : كان أمير المؤمنين قد هم أن يتخذ للمسلمين مصرا ، وكان المسلمون قد غزوا من قبل البحر وفتحوا الأهواز وكابل وطبرستان ، فلما افتتحوها كتبوا إليه : " إنا وجدنا بطبرستان مكانا لا بأس به " . فكتب إليهم : " إن بيني وبينكم دجلة ، ولا حاجة لي في شيء بيني وبينكم فيه دجلة أن نتخذه مصرا " . قال : فقدم عليه رجل من بني سدوس يقال له ثابت فقال له : يا أمير المؤمنين إني مررت بمكان دون دجلة به بادية يقال لها الخريبة ويقال للأرض " البصرة " وبينها وبين [ ص: 1175 ] دجلة فرسخ فيه خليج يجري فيه الماء وأجمة قصب . فأعجب ذلك عمر رضي الله عنه فدعا عتبة بن غزوان فبعثه في أربعين رجلا فيهم نافع بن الحارث وزياد أخوه لأمه .
قال سيف بن [ عمر ] : مصرت البصرة سنة ست عشرة ، واختطت قبل الكوفة بثمانية أشهر .
[ ص: 1176 ] وقال قتادة : أول من مصر البصرة رجل من بني شيبان يسمى المثنى بن حارثة ، وأنه كتب إلى عمر رضي الله عنه : " إني نزلت أرضا بصرة " . فكتب إليه : " إذا أتاك كتابي هذا فاثبت حتى يأتيك أمري " . فبعث عتبة بن غزوان معلما وأميرا ، فغزا الأبلة .
وقال حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن : إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مصر البصرة والكوفة .


