صفحة جزء
22 - فصل

[ الكافر إن مات في أثناء الحول ]

فإن مات الكافر في أثناء الحول سقطت عنه ولم تؤخذ بقدر ما أدرك منه ، وإن مات بعد الحول فذهب الشافعي إلى أنها لا تسقط وتؤخذ من [ ص: 181 ] تركته وهو ظاهر كلام أحمد .

وقال أبو حنيفة : تسقط بالموت ، وحكاه أبو الخطاب عن شيخه القاضي .

قال أبو عبيد : وأما موت الذمي في آخر السنة فقد اختلف فيه .

فحدثنا سعيد بن عفير عن عبد الله بن لهيعة عن عبد الرحمن بن جنادة - كاتب حيان بن شريج - وكان حيان بن شريج بعث إلى عمر بن عبد العزيز وكتب إليه يستفتيه : أيجعل جزية موتى القبط على أحيائهم ؟ فسأل عمر عن ذلك عراك بن مالك ، وعبد الرحمن يسمع فقال : ما سمعت لهم بعقد ولا عهد ، إنما أخذوا عنوة بمنزلة الصيد ، فكتب عمر إلى حيان بن شريج يأمره أن يجعل جزية الأموات على الأحياء ، وكان حيان واليه على مصر .

قال : وقد روي من وجه آخر عن معقل بن عبيد الله عن عمر بن عبد العزيز أنه قال : ليس على من مات ولا من أبق جزية يقول : لا تؤخذ من ورثته بعد موته ، ولا يجعلها بمنزلة الدين ، ولا تؤخذ من أهله إذا هرب عنهم [ ص: 182 ] منها لأنهم لم يكونوا ضامنين لذلك .

قال الآخذون لها : هي دين وجب عليه في حياته فلم يسقط بموته ، كديون الآدميين .

وقال المسقطون : هي عقوبة ، فتسقط بالموت كالحدود ; ولأنها صغار وإذلال فزال بزوال محله ، وقولكم : إنها دين فلا تسقط بالموت إنما يتأتى على أصل من لا يسقطها بالإسلام ، وأما من أسقطها بالإسلام فلا يصح منه هذا الاستدلال ، ولا ريب أن الجزية عقوبة وحق عليه ففيها الأمران ، فمن غلب جانب العقوبة أسقطها بالموت كما تسقط العقوبات الدنيوية عن الميت ، ومن غلب فيها جانب الدين لم يسقطها ، والمسألة تحتمله . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية