إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة

ابن حجر العسقلاني - أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

صفحة جزء
[ ص: 157 ] بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي لا يحيط العاد لنعمائه بطرف ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقرار من لاح له الهدى فعرف ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، منتهى الكرم والشرف ، صلى الله [وسلم] عليه ، وعلى آله وصحبه ومن قفا أثرهم ، ومن بحار علومهم اغترف .

أما بعد :

فقد أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الحاكم ، أن عمر بن حسين أخبرهم ، قال : أنا أبو الفرج ابن نصر ، أنا أبو طاهر ابن المعطوش ، أنا الحافظ أبو البركات ابن الأنماطي ، أنا أبو محمد الخطيب ، أنا عمر بن إبراهيم الكتاني ، [ ص: 158 ] ثنا أبو القاسم البغوي ، ثنا أبو خيثمة في " كتاب العلم " له : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : لا بأس بكتابة الأطراف .

وهذا الأثر إسناده صحيح ، وهو موقوف على إبراهيم بن يزيد النخعي أحد فقهاء التابعين ، وعنى بذلك ما كان السلف يصنعونه من كتابة أطراف الأحاديث ؛ ليذاكروا بها الشيوخ فيحدثوهم بها .

قال ابن أبي خيثمة في " تاريخه " : حدثنا مسدد ، ثنا حماد بن زيد ، عن ابن عون ، عن محمد بن سيرين ، قال : كنت ألقى عبيدة - هو ابن عمرو السلماني - بالأطراف .

إسناده صحيح أيضا .

ثم صنف الأئمة في ذلك تصانيف قصدوا بها ترتيب الأحاديث وتسهيلها على من يروم كيفية مخارجها .

فمن أول من صنف في ذلك : خلف الواسطي ، جمع أطراف الصحيحين ، وأبو مسعود الدمشقي جمعهما أيضا ، وعصرهما متقارب ، وصنف الداني أطراف الموطأ ، ثم جمع أبو الفضل ابن طاهر أطراف السنن ، وهي لأبي داود ، والنسائي ، والترمذي ، وابن ماجه ، وأضافها إلى أطراف الصحيحين .

ثم تتبع الحافظ أبو القاسم ابن عساكر أوهامه في ذلك ، وأفرد أطراف الأربعة ، ثم جمع الستة أيضا المحدث قطب الدين القسطلاني ، ثم الحافظ أبو الحجاج المزي ، وقد كثر النفع به .

ثم إني نظرت فيما عندي من المرويات فوجدت فيها عدة تصانيف قد التزم مصنفوها الصحة ، فمنهم من تقيد بالشيخين كالحاكم ، ومنهم من لم يتقيد كابن حبان ، والحاجة ماسة إلى الاستفادة منها ، فجمعت أطرافها على طريقة الحافظ أبي [ ص: 159 ] الحجاج المزي وترتيبه ، إلا أني أسوق ألفاظ الصيغ في الإسناد غالبا ؛ لتظهر فائدة ما يصرح به المدلس ، ثم إن كان حديث التابعي كثيرا رتبته على أسماء الرواة عنه غالبا ، وكذا الصحابي المتوسط ، وجعلت لها رقوما أبينها :

فللدارمي - وقد أطلق عليه الحافظ المنذري اسم " الصحيح " ، فيما نقله الشيخ علاء الدين مغلطاي فيما رأيته بخطه - : مي .

ولابن خزيمة - خز ، ولم أقف منه إلا على ربع العبادات بكماله ، ومواضع مفرقة من غيره .

ولابن الجارود - وقد سماه ابن عبد البر وغيره : " صحيحا " - : جا ، وهو في التحقيق مستخرج على صحيح ابن خزيمة باختصار .

ولأبي عوانة - وهو في الأصل كالمستخرج على مسلم ، لكنه زاد فيه زيادات كثيرة جدا من الطرق المفيدة ، بل ومن الأحاديث المستقلة - : (عه) .

ولابن حبان : حب .

وللحاكم أبي عبد الله في " المستدرك " : كم .

ثم أضفت إلى هذه الكتب الستة أربعة كتب أخرى ، وهي : " الموطأ " لمالك ، و" المسند " للشافعي ، و" المسند " للإمام أحمد ، و" شرح معاني الآثار " للطحاوي ؛ لأني لم أجد عن أبي حنيفة مسندا يعتمد عليه .

[ ص: 160 ] فلما صارت هذه عشرة كاملة أردفتها بـ " السنن " للدارقطني ؛ جبرا لما فات من الوقوف على جميع صحيح ابن خزيمة .

وجعلت للطحاوي : طح .

وللدارقطني : قط .

فإن أخرجه الثلاثة الأول أفصحت بذكرهم ، أعني : مالكا ، والشافعي ، وأحمد .

وهذه المصنفات قل أن يشذ عنها شيء من الأحاديث الصحيحة ، لا سيما في الأحكام إذا ضم إليها أطراف المزي .

وقد ذكرت أسانيدي إلى أصحاب التصانيف المذكورين بتصانيفهم المذكورة : فأما " الدارمي " : فأخبرنا به الشيخ الإمام المسند المقرئ : أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد التنوخي البعلي ، سماعا عليه بالقاهرة .

وأخبرنا بمعظمه أبو العباس أحمد بن علي بن يحيى بن تميم الدمشقي بها ، قالا : أنا أبو العباس أحمد بن أبي طالب بن أبي النعم الصالحي ، أنا عبد الله بن عمر بن علي بن اللتي سماعا عليه ، سوى من باب " اغتسال الحائض " إلى باب " النهي عن التشبيك " فإجازة منه ، ومن محمد بن مسعود بن بهروز وغيره ، قالوا : أنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى الهروي ، أنا أبو الحسن عبد الرحمن بن المظفر [ ص: 161 ] الداودي ، أنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أعين ، أنا عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي ، أنا الإمام أبو محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي .

وأما " صحيح ابن خزيمة " : فوقع لي قطع مسموعة قرأتها على العماد أبي بكر بن إبراهيم الفرضي بصالحية دمشق ، عن أبي عبد الله بن أبي الهيجاء بن الزراد ، أنا الحافظ الحسن بن محمد بن محمد البكري ، (.....) أنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي ، أنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا المشايخ : أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي ، وأبو سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ ، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن يحيى المقرئ - مفرقا - قالوا : أنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن خزيمة ، أنا جدي إمام الأئمة أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري .

وقد بينت ما ليس مسموعا منه عند كل حديث .

[ ص: 162 ] وأما " المنتقى " لابن الجارود : فأخبرنا به أبو حيان محمد بن حيان ابن العلامة أثير الدين أبي حيان إجازة مشافهة ، عن جده ، أنا أبو علي بن أبي الأحوص مشافهة ، عن أبي القاسم بن بقي ، عن شريح بن محمد الرعيني ، أنا عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن خزرج ، أنا عبد الرحمن بن مروان القنازعي ، أنا الحسن بن يحيى القلزمي ، عنه .

وأما " صحيح أبي عوانة " : فقرأت الكثير منه على الحافظ أبي الفضل بن الحسين ، أنا عبد الله بن محمد ابن القيم ، أنا أبو الحسن ابن البخاري ، عن القاسم .

[ ص: 163 ] ح وقرأت كثيرا منه أيضا يقرب من ربع الكتاب على أبي الطاهر محمد بن محمد الربعي ، عن أبي الحسن علي ابن عبد العزيز بن عبد الحارثي ، أنا عمر بن محمد الكرماني ، أنا القاسم بن عبد الله بن عمر الصفار ، أنا أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد القشيري ، أنا عبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري ، أنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني ، أنا خال أبي عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني .

ح وأخبرني بجميعه أحمد بن أبي بكر المقدسي مكاتبة .

وقرأت " منتقى الذهبي " منه في جزء ضخم كله عوال وموافقات على أبي بكر الفرائضي ، وأجازني باقيه ، عن أبي عبد الله بن الزراد ، أنا الحافظ أبو علي البكري ، أنا القاسم الصفار بتمامه .

والذي دخل في مسموعي على شيخي الأولين منه : الصيد إلا يسيرا من أوله ، والذبائح والأضاحي ، والأطعمة ، والأشربة ، واللباس ، والحلي ، والتسمية ، والاستئذان ، والرقى ، والطب ، وفضائل الأنبياء ، ومناقب الصحابة ، والبر والصلة ، والقدر ، والعلم ، وقطعة من الدعوات .

وأما " صحيح ابن حبان " : فقرأت الأقسام الثلاثة الأول منه على إبراهيم بن [ ص: 164 ] أحمد التنوخي ، وسمعت القسمين الأخيرين منه على خديجة بنت إبراهيم بن إسحاق بن سلطان ، كلاهما عن أبي عبد الله ابن الزراد ، أنا الحافظ أبو علي البكري ، أنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي ، أنا تميم بن أبي سعيد الجرجاني ، أنا أبو الحسن علي بن محمد البحاثي ، أنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن هارون الزوزني ، أنا أبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي .

وأما (المستدرك) للحاكم : فأخبرنا به أبو علي محمد بن أحمد بن علي الفاضلي إجازة مشافهة ، عن يونس بن أبي إسحاق العسقلاني ، عن أبي الحسن بن الحسين بن علي البغدادي ، عن أبي الفضل أحمد الميهني ، وأبي الفضل محمد بن ناصر ، كلاهما عن أبي بكر أحمد بن علي الشيرازي ، عن الحاكم .

وأما " الموطأ " للإمام مالك : فأخبرنا به أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن قوام البالسي بالصالحية ، أنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن هلال ، ومحمد بن [ ص: 165 ] محمد بن عمر العسقلاني ، قالا : أنا إبراهيم بن عمر بن مضر ، أنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي ، أنا هبة الله بن سهل السيدي ، أنا سعيد بن محمد البحيري ، أنا أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي ، أنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، وفي بعضه لبعض من ذكر فوت معروف .

وقرأته من طريق أخرى على إبراهيم بن أحمد البعلي ، عن إسماعيل بن يوسف بن مكتوم ، أنا مكرم بن أبي الصقر ، أنا حمزة بن أحمد بن فارس ، أنا نصر بن إبراهيم الفقيه ، أنا محمد بن جعفر الميماسي ، أنا [ ص: 166 ] محمد بن العباس بن وصيف ، أنا الحسن بن الفرج الغزي ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، أنا مالك ، وفات الميماسي من كتاب (الرهن) إلى آخر الكتاب سماعا فرواه [عن] ابن وصيف بالإجازة .

وأما " المسند " للإمام الشافعي : فأخبرنا بجميعه أبو الحسن علي بن أبي المجد ، وبأكثره أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي الزفتاوي ، كلاهما عن ست الوزراء بنت عمر بن أسعد ، أنا الحسين بن أبي بكر ، أنا أبو زرعة طاهر بن أبي الفضل محمد بن طاهر ، أنا مكي بن محمد ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي .

وأما " المسند " للإمام أحمد : فأخبرني بجميعه أبو المعالي عبد الله بن عمر بن علي الأزهري بقراءتي عليه ، قال : أخبرنا بأكثره أبو العباس أحمد بن محمد بن عمر [ ص: 167 ] الحلبي ، أنا أبو الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم بن علي الحراني ، أنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن صاعد الحربي ، أنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الكاتب ، أنا أبو علي الحسن بن علي الواعظ ، أنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي وغيره .

وقرأت " مسند " جابر منه على الإمام أبي الحسن بن صالح ، قال : أنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري ، أنا المسلم بن محمد بن علان ، أنا حنبل بن عبد الله ، أنا أبو القاسم المذكور .

[ ص: 168 ] وأما " شرح معاني الآثار " للطحاوي : فأخبرني به الشيخ أبو إسحاق التنوخي إذنا في آخرين ، قالوا : أنا محمد بن أبي بكر بن النحاس ، إجازة ، عن محمد بن سعد المقدسي ، إجازة إن لم يكن سماعا ، عن أبي موسى المديني ، أنا إسماعيل بن الفضل ، أنا منصور بن الحسين ، أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي المقرئ ، عنه .

وأما " السنن للدارقطني : فأخبرني به المسند الصالح القدوة الأصيل بدر الدين محمد بن محمد بن محمد بن قوام ، وعمر بن محمد البالسي ، سماعا وقراءة على الأول من أوله إلى كتاب الجمعة ، وعلى الثاني لجميع الكتاب ، قالا : أنا أبو بكر بن أحمد بن أبي محمد بن عبد الرزاق المغاري الدقاق ، أنا أبو الحسن ابن البخاري ، أنا عبد الله بن عمر الصفار ، إجازة ، أنا الفضل بن محمد الأبيوردي ، أنا أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد النوقاني ، سماعا عليه [ ص: 169 ] لجميعه سوى من حديث ابن مسعود في التشهد من رواية الحسن بن مكرم ، عن شبابة ، إلى حديث جابر في الجمعة : " إذا جاء أحدكم والإمام يخطب " من رواية أحمد بن سنان ، وعن وهب بن جرير ، بسماع النوقاني من الدارقطني .

ولأبي بكر شيخ شيخينا في هذا الكتاب عن الفخر أسانيد أخر لا حاجة إلى التطويل بها .

وأخبرني بجميعه عاليا الشيخ بدر الدين المذكور ، قراءة عليه بالسند خاصة ، عن أحمد بن أبي طالب ، عن أبي الحسن القطيعي ، عن أبي الكرم الشهرزوري ، عن أبي الحسين بن المهتدي ، عن الدارقطني .

وسميت هذا الكتاب : " إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة " .

وهذا حين الشروع فيما إليه قصدت ، والاعتماد فيما أردت من ذلك على من عليه اعتمدت ، وهو الله لا إله إلا هو ، عليه توكلت وإليه أنيب .

التالي


الخدمات العلمية