وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحوراانظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا
قوله تعالى:
وجعلنا على قلوبهم أكنة ، يعني الغطاء على القلوب،
أن يفقهوه ، لئلا يفقهوا القرآن،
وفي آذانهم وقرا ، يعني ثقلا لئلا يسمعوا القرآن،
وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ، فقلت: لا إله إلا الله،
ولوا على أدبارهم نفورا ، يعني أعرضوا عن التوحيد ونفروا عنه كراهية التوحيد، وذلك حين
قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم وقد [ ص: 260 ] دخلوا على أبي طالب وهم الملأ، فقال: "قولوا: لا إله إلا الله، تملكون بها العرب وتدين لكم العجم". نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك يا
محمد وأنت تقرأ القرآن،
وإذ هم نجوى ، فبين نجواهم في سورة الأنبياء:
وأسروا النجوى الذين ظلموا ، يعني فيما بينهم،
هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ، فذلك قوله سبحانه:
إذ يقول الظالمون ، يعني
nindex.php?page=showalam&ids=20611الوليد بن المغيرة وأصحابه،
إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ، يعني بالمسحور المغلوب على عقله، نظيرها في الفرقان:
وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا .
انظر كيف ضربوا لك الأمثال ، يعني كيف وصفوا لك الأنبياء حين قالوا: إنك ساحر،
فضلوا عن الهدي،
فلا يستطيعون ، يعني فلا يجدون،
سبيلا ، يعني لا يقدرون على مخرج مما قالوا لك بأنك ساحر.
وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا ، يعني ترابا،
أإنا لمبعوثون بعد الموت،
خلقا جديدا ، يعني البعث.
و
قل لهم يا
محمد: كونوا حجارة في القوة،
أو حديدا في الشدة، فسوف يميتكم ثم يبعثكم، ثم تحيون من الموت.
أو خلقا مما يكبر في صدوركم ، يعني مما يعظم في قلوبكم، قل لو كنتم أنتم الموت لأمتكم ثم بعثتكم في الآخرة،
فسيقولون من يعيدنا ، يعني من يبعثنا أحياء من بعد الموت،
قل الذي فطركم أول مرة ، يعني خلقكم أول مرة في الدنيا ولم تكونوا شيئا، فهو الذي يبعثكم في الآخرة،
فسينغضون إليك ، يعني يهزون إليك،
رءوسهم استهزاء وتكذيبا بالبعث،
ويقولون متى هو ، يعنون البعث،
قل عسى أن يكون البعث
قريبا . ثم أخبر عنهم، فقال سبحانه:
يوم يدعوكم من قبوركم في الآخرة،
فتستجيبون بحمده ، يعني تجيبون الداعي بأمره،
وتظنون ، يعني وتحسبون
أن ، يعني ما
لبثتم في القبور،
إلا قليلا ، وذلك أن
إسرافيل قائم على صخرة
بيت المقدس يدعو أهل القبور في قرن، فيقول: أيتها اللحوم المتفرقة، وأيتها العروق المتقطعة، وأيتها الشعور المتفرقة، اخرجوا إلى فصل القضاء لتنفخ فيكم
[ ص: 261 ] أرواحكم، وتجازون بأعمالكم، فيخرجون، ويديم المنادي الصوت، فيخرجون من قبورهم، ويسمعون الصوت، فيسعون إليه، فذلك قوله سبحانه:
فإذا هم جميع لدينا محضرون .