صفحة جزء
77 - ذكر عبد الله بن عباس رضي الله عنه

قال أصحاب التاريخ: ولد عبد الله بن عباس في الشعب وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين.

روي عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: توفي [ ص: 479 ] النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن خمس عشرة.

وروي عنه: أقبلت راكبا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك علي أحد.

وعن ابن عباس رضي الله عنه، قال: كنت في بيت خالتي ميمونة، فوضعت للنبي صلى الله عليه وسلم طهورا، فقال: "من وضع هذا؟" ، قالت له ميمونة: وضعه عبد الله ، قال: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" وفي رواية طاوس ، عن ابن عباس ، رضي الله عنه، قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح على ناصيتي، وقال: "اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب" وفي رواية أبي نهيك ، عن ابن عباس ، رضي الله عنه، قال: "إن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعاني فأجلسني في حجره وجعل يمسح رأسي ودعا لي [ ص: 480 ] بالحكمة، فلم تخطئني دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم" وعن ابن عباس ، رضي الله عنه، قال: " انتهيت إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل، فقال له جبريل: إنه كائن حبر هذه الأمة، فاستوص به خيرا " وعن عمار ، قال: دخل العباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير عنده أحدا، ومعه ابنه عبد الله، فقال: لقد رأيت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا، فقال العباس رضي الله عنه: يا رسول الله، زعم ابن عمك أنه رأى رجلا عندك، فقال عبد الله: نعم، والذي أنزل عليك الكتاب لقد رأيته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ذاك جبريل" وعن عمرو بن حبشي ، قال: أتيت عبد الله بن عمر ، رضي الله عنه، فسألته عن الصفا والمروة؟ فقال: ائت ابن عباس فاسأله فإنه أعلم أمة [ ص: 481 ] محمد صلى الله عليه وسلم بما أنزل على محمد.

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عاشره منا أحد.

وفي رواية: ما عشره منا أحد وكان يقول: نعم ترجمان القرآن ابن عباس.

وقال عبد الله في رواية: لو أن هذا الغلام من بني عبد المطلب أدرك ما أدركنا ما تعلقنا معه بشيء.

وعن ابن عباس ، رضي الله عنه، قال: كان عمر يسألني مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: تسأله ولنا بنون مثله، فقال: إنه من حيث تعلم [ ص: 482 ] .

وعن ليث ، قال: قلت لطاوس: أدركت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فتركتهم وصحبت أحدثهم سنا قال: أدركت سبعين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا إذا تداروا في الأمر انتهوا إلى قول ابن عباس.

وفي رواية عن طاوس ، قال: جالست ما بين الخمسين إلى السبعين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يخالفون ابن عباس في المسألة فما يقومون حتى يرجعوا إلى قوله.

وعن أبي وائل ، قال: خطبنا ابن عباس رضي الله عنه، بمنى فافتتح سورة النور، فجعل يقرؤها ويفسرها حتى ختمها، فقال رجل: ما رأيت كاليوم، والله لو سمعته الترك لأسلمت.

وفي رواية: قال أبو وائل: قال رجل: والله إني لأشتهي أقبل رأسه من حلاوة ما جاء به.

وفي رواية، قال أبو وائل: والله لو كانت ثمت يومئذ الترك وفهموا ما قال لأسلموا [ ص: 483 ] .

وعن عطاء بن أبي رباح: إنه كان إذا حدث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حدثني فلان، وحدثني فلان، فإذا حدث عن ابن عباس قال: حدثني البحر.

وعن مجاهد ، قال: ما رأيت مثل ابن عباس ، وأنه لحبر هذه الأمة.

وقال ابن الحنفية يوم مات ابن عباس رضي الله عنه: مات اليوم رباني هذه الأمة.

وعن ابن عباس رضي الله عنه، قال: وجدت عامة علم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذا الحي من الأنصار، إن كنت لآتي أحدهم فأقيل ببابه، ولو شئت أن يؤذن لي لقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأذن لي، ولكن أبتغي بذلك طيب نفسه.

وعن مغيرة ، قال: قيل لابن عباس رضي الله عنه: أين أصبت هذا العلم؟ قال: بلسان سؤول، وقلب عقول [ ص: 484 ] .

أخبرنا بذلك أبو نصر الشاذياخي ، أخبرنا أبو عبد الرحمن الشاذياخي ، حدثنا أبو بكر الجوزقي ، حدثنا أبو العباس الدغولي ، أخبرنا أبو بكر ، حدثنا ابن الأصبهاني ، حدثنا جرير ، عن مغيرة بذلك.

قال: وحدثنا أبو العباس الدغولي ، حدثنا محمد بن المهلب ، حدثنا حاتم الجلاب ، حدثنا عبد المؤمن ، قال: سمعت عطاء يقول: ما رأيت مجلسا كان أكرم من مجلس ابن عباس رضي الله عنه، أكثر فقها وأعظم حفنة، إن أصحاب القرآن عنده، وأصحاب النحو عنده، وأصحاب الشعر عنده، وأصحاب الفقه عنده، يصدرهم كلهم في واد واسع.

قال: وحدثنا أبو العباس ، قال: حدثنا عمرو الأودي ، قال: حدثنا يعلى عن إسماعيل ، عن شعيب بن يسار ، ومحمد بن عبد الرحمن ، قالا: "لما كفن ابن عباس رضي الله عنه، جاء طائر أبيض فدخل في كفنه فما رئي بعد" .

وفي رواية ابن يامين: " فجاء طائر أبيض يقال له: الغرنوق فدخل في النعش فلم ير بعد ".

وعن أبي هلال الراسبي: حدثنا عمرو بن دينار ، أو حدثني [ ص: 485 ] غيره عنه، قال: "ما رأيت مجلسا قط أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس ، الحلال والحرام، وتفسير القرآن، والعربية، والطعام" .

وعن سعيد بن جبير ، قال: إن كنت لأسمع من ابن عباس الحديث لو يأذن لي أقبل رأسه لقبلته.

قال أحمد بن حنبل ، رحمة الله عليه: مات ابن عباس رضي الله عنه، سنة ثمان وستين.

التالي السابق


الخدمات العلمية