صفحة جزء
1447 - عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي [بن غالب ] القرشي الزهري ، يكنى أبا محمد ، كان اسمه في الجاهلية عبد عمرو ، وقيل عبد الكعبة ، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن . أمه الشفاء بنت عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة .

ولد بعد الفيل بعشر سنين ، وأسلم قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم ، وكان من المهاجرين الأولين ، جمع الهجرتين جميعا : هاجر إلى أرض الحبشة ، ثم قدم قبل الهجرة ، وهاجر إلى المدينة ، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع ، وشهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دومة الجندل إلى [ ص: 845 ] كلب وعممه بيده ، وسدلها بين كتفيه ، وقال له : سر باسم الله ، وأوصاه بوصاياه لأمراء سراياه . ثم قال له : إن فتح الله عليك فتزوج بنت مليكهم ، أو قال : بنت شريفهم .

وكان الأصبغ بن ثعلبة الكلبي شريفهم ، فتزوج بنته تماضر بنت الأصبغ ، وهي أم ابنه أبي سلمة الفقيه .

قال الزبير : وأم ابنه محمد الذي كان يكنى به . ولد في الإسلام ، وابنه سالم الأكبر مات قبل الإسلام ، وابنته أم القاسم ولدت في الجاهلية ، أم هؤلاء الثلاثة أم كلثوم بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس . وأم إبراهيم ، وحميد وإسماعيل أم كلثوم بنت عقبة بن معيط . وأم عروة بجيرة بنت هانئ بن قبيصة ، من بني شيبان . قتل عروة بن عبد الرحمن بن عوف بإفريقية . وأم سالم الأصغر سهلة بنت سهيل بن عمرو العامري ، أخوه لأمه محمد بن أبي حذيفة .

وأم أبي بكر بن عبد الرحمن بن عوف أم حكيم بنت قارظ بن خالد بن عبيد بن كنانة . وأم عبد الله الأكبر . يكنى أبا عثمان ، قتل أيضا بإفريقية ، والقاسم ، أمهما بنت أنس بن رافع الأنصاري من بني عبد الأشهل ، هي أمهما جميعا .

قال : وعبد الله الأصغر هو أبو سلمة الفقيه . وعبد الرحمن بن عبد الرحمن بن عوف أمه أسماء بنت سلامة بن مخرمة بن جندب ، من بني نهشل بن دارم . ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف أمه سبية من بهز وسهيل بن عبد الرحمن بن عوف أمه مجد بنت يزيد بن سلامة الحميري . وعثمان بن عبد الرحمن [ ص: 846 ] بن عوف أمه غزال بنت كسرى ، من سبي سعد بن أبي وقاص يوم المدائن .

وجويرية بنت عبد الرحمن بن عوف زوج المسور بن مخرمة ، أمها بادية بنت غيلان بن سلمة الثقفي . ومحمد ، ومعن ، وزيد ، بنو عبد الرحمن بن عوف ، أمهم سهلة الصغرى بنت عاصم بن عدي العجلاني ، هذا كله قول الزبير بن بكار .

وكان عبد الرحمن بن عوف أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة ، وأحد الستة الذين جعل عمر الشورى فيهم ، وأخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راض .

وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه في سفرة ، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : عبد الرحمن بن عوف [سيد من سادات المسلمين ، وروي عنه عليه السلام أنه قال : عبد الرحمن بن عوف ] أمين في السماء وأمين في الأرض . أنبأنا أحمد بن زهير ، حدثنا القاسم بن أصبغ ، حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا أبو المعلى الجزري ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عمران عبد الرحمن بن عوف ، قال لأصحاب الشورى : هل لكم أن أختار لكم وأنتفي منها ، قال علي رضي الله عنه : أنا أول من رضي ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أنت أمين في أهل السماء وأمين في أهل الأرض .

قال الزبير بن بكار : كان عبد الرحمن بن عوف أمين رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه [ ص: 847 ] .

وروى عبد الملك بن عمير عن قبيصة بن جابر قال : دخلت على عمر ، وعن يمينه رجل كأنه قلب فضة ، وهو عبد الرحمن بن عوف ، قال الواقدي : كان رجلا طويلا فيه جنأ ، أبيض مشربا بالحمرة ، حسن الوجه رقيق البشرة ، ولا يغير لحيته ولا رأسه .

وروينا عن سهلة بنت عاصم زوجه قالت : كان عبد الرحمن بن عوف أبيض أعين أهدب الأشفار أقنى [الأصابع ] طويل النابين الأعليين ، ربما أدمى شفتيه ، له جمة ، ضخم الكفين ، غليظ الأصابع ، جرح يوم أحد إحدى وعشرين جراحة ، وجرح في رجله ، وكان يعرج منها .

قال أبو عمر : كان تاجرا مجدودا في التجارة ، وكسب مالا كثيرا ، وخلف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة ، ومائة فرس ترعى بالبقيع ، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحا ، فكان يدخل منه قوت أهله سنة .

وروى ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، قال : صالحنا امرأة عبد الرحمن بن عوف التي طلقها في مرضه من ثلث الثمن بثلاثة وثمانين ألفا .

وقد روى غير ابن عيينة في هذا الخبر أنها صولحت بذلك عن ربع الثمن من ميراثه .

وروى الثوري ، عن طارق ، عن سعيد بن جبير ، قال : حدثنا أبو الهياج قال : رأيت رجلا يطوف بالبيت وهو يقول : اللهم قني شح نفسي . فسألت عنه فقالوا : هذا عبد الرحمن بن عوف [ ص: 848 ] .

وروي عنه أنه أعتق في يوم واحد ثلاثين عبدا . ولما حضرته الوفاة بكى بكاء شديدا ، فسئل عن بكائه ، فقال : إن مصعب بن عمير كان خيرا مني ، توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن له ما يكفن فيه ، وإن حمزة بن عبد المطلب كان خيرا مني لم نجد له كفنا ، وإني أخشى أن أكون ممن عجلت له طيباته في حياة الدنيا ، وأخشى أن أحتبس عن أصحابي بكثرة مالي .

وذكر ابن سنجر ، عن دحيم بن فديك ، وذكره ابن السراج . قال :

حدثنا محمد بن الصباح ، حدثنا علي بن ثابت جميعا ، عن ابن أبي ذئب ، عن مسلم بن جندب ، عن نوفل بن إياس الهذلي ، قال : كان عبد الرحمن بن عوف لنا جليسا ، وكان نعم الجليس ، وإنه انقلب بنا ذات يوم حتى دخلنا منزله ، ودخل فاغتسل ، ثم خرج فجلس معنا ، فأتينا بقصعة فيها خبز ولحم ، ولما وضعت بكى عبد الرحمن بن عوف ، فقلنا له : ما يبكيك يا أبا محمد ؟ قال : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشبع هو وأهل بيته من خبز الشعير ، ولا أرانا أخرنا [لهذا ] لما هو خير لنا .

أخبرنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا الأعمش ، عن شقيق ، عن أم سلمة ، قال : دخل عليها عبد الرحمن بن عوف قالت : فقال يا أمه ، قد خفت أن يهلكني كثرة مالي ، أنا أكثر قريش مالا . قالت : يا بني ، أنفق ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن من أصحابي [ ص: 849 ] من لا يراني بعد أن أفارقه ، فخرج عبد الرحمن ، فلقي عمر ، وأخبره ، فجاء عمر فدخل عليها ، فقال : بالله منهم أنا ؟ فقالت : لا والله ، ولن أبرئ أحدا بعدك [أبدا ] .

وذكر ابن أبي خيثمة من حديث [زيد ] بن أبي أوفى - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين عثمان ، وعبد الرحمن بن عوف .

حدثنا سعيد ، حدثنا قاسم ، حدثنا أبو وضاح ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن أم سلمة ، قالت : دخل عليها عبد الرحمن بن عوف . فقال : يا أمه ، قد خشيت أن يهلكني كثرة مالي ، أنا أكثر قريش كلهم مالا . قالت : يا بني ، تصدق ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه . فخرج عبد الرحمن ، فلقي عمر فأخبره بما قالت أم سلمة ، فدخل عليها فقال لها : بالله منهم أنا ؟ قالت : لا . ولن أقول لأحد بعدك . هكذا رواه الأعمش ، عن شقيق أبي وائل ، عن أم سلمة .

ورواه عاصم بن [أبي النجود عن ] أبي وائل ، عن مسروق ، عن أم سلمة قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن من أصحابي من لا أراه ولا يراني بعد أن أموت أبدا . قال : فبلغ ذلك عمر ، فأتاها يشتد ويسرع ، فقال : أنشدك بالله أنا منهم ؟ قالت : لا . ولن أبرئ بعدك أحدا أبدا . ذكره أحمد بن حنبل [ ص: 850 ] .

قال : حدثنا أسود بن عامر قال : حدثنا شريك ، عن عاصم [عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن أم سلمة ] توفي عبد الرحمن بن عوف سنة إحدى وثلاثين . وقيل سنة اثنتين وثلاثين ، وهو ابن خمس وسبعين سنة بالمدينة .

وروي عن أبي سلمة أنه قال : توفي أبي وهو ابن اثنتين وسبعين سنة بالمدينة ، ودفن بالبقيع ، وصلى عليه عثمان ، هو أوصى بذلك .

وقال إبراهيم بن سعد : كانت سن عبد الرحمن بن عوف ثمانيا وسبعين سنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية