صفحة جزء
1618 - عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي القرشي السهمي، [ ص: 957 ] يكنى أبا محمد. وقيل: يكنى أبا عبد الرحمن. وقيل أبو نصير، وهي غريبة. وأما ابن معين فقال: كنيته أبو عبد الرحمن، والأشهر أبو محمد. أمه ريطة بنت منبه بن الحجاج السهمية، ولم يفته أبوه في السن إلا باثنتي عشرة، ولد لعمرو: عبد الله، وهو ابن اثنتي عشرة سنة. أسلم قبل أبيه، وكان فاضلا حافظا عالما، قرأ الكتاب واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في أن يكتب حديثه، فأذن له، قال: يا رسول الله أكتب كل ما أسمع منك في الرضا والغضب؟ قال: نعم، فإني لا أقول إلا حقا. وقال أبو هريرة: ما كان أحد أحفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا عبد الله بن عمرو، فإنه كان يعي بقلبه، وأعي بقلبي، وكان يكتب وأنا لا أكتب، استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأذن له.

وروى شفي الأصبحي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: حفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم ألف مثل.

وكان يسرد الصوم، ولا ينام بالليل، فشكاه أبوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لعينك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، قم ونم وصم وأفطر. صم ثلاثة أيام من كل شهر، فذلك صيام الدهر، فقال: إني أطيق أكثر من ذلك، فلم يزل يراجعه في الصيام حتى قال له: لا صوم أفضل من صوم داود، وكان يصوم يوما ويفطر يوما. فوقف عبد الله عند ذلك، وتمادى عليه [ ص: 958 ] .

ونازل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا في ختم القرآن، فقال: اختمه في شهر، فقال: إني أطيق أفضل من ذلك، فلم يزل يراجعه حتى قال: لا تقرأه في أقل من سبع. وبعضهم يقول في حديثه هذا: أقل من خمس، والأكثر على أنه لم ينزل من سبع، فوقف عند ذلك،
واعتذر رضي الله عنه من شهوده صفين، وأقسم أنه لم يرم فيها برمح ولا سهم، وأنه إنما شهدها لعزمة أبيه عليه في ذلك، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: أطع أباك. حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا عبد الله بن عمرو الجوهري، حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج، حدثني يحيى بن سليمان، حدثنا الخصيب بن ناصح البصري، حدثنا نافع بن عمرو الجمحي، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه كان يقول: ما لي ولصفين! ما لي ولقتال المسلمين! والله لوددت أني مت قبل هذا بعشر سنين، ثم يقول: أما والله ما ضربت فيها بسيف، ولا طعنت برمح، ولا رميت، بسهم، ولوددت أني لم أحضر شيئا منها، وأستغفر الله عز وجل عن ذلك وأتوب إليه، إلا أنه ذكر أنه كانت بيده الراية يومئذ، فندم ندامة شديدة على قتاله مع معاوية، وجعل يستغفر الله ويتوب إليه.

وحدثنا خلف، قال حدثنا عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا نافع بن عمرو الجمحي، حدثني ابن أبي مليكة، أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ما لي وقتال المسلمين ولصفين، لوددت أني مت قبله بعشر سنين، أما والله على ذلك ما رميت بسهم، ولا طعنت برمح، ولا ضربت بسيف ... وذكره إلى آخره.

واختلف في وقت وفاته، فقال أحمد بن حنبل: مات عبد الله بن عمرو [ ص: 959 ] بن العاص ليالي الحرة، في ولاية يزيد بن معاوية، وكانت الحرة يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة ثلاث وستين. وقال غيره: مات بمكة سنة سبع وستين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة. وقال غيره: مات سنة ثلاث وسبعين. وقال يحيى بن عبد الله بن بكير: مات بأرضه بالسبع من فلسطين سنة خمس وستين. وقيل: إن عبد الله بن عمرو بن العاص توفي سنة خمس وخمسين بالطائف. وقيل: إنه مات بمصر سنة خمس وستين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.

التالي السابق


الخدمات العلمية