صفحة جزء
[ ص: 433 ] ( ذكر الآثار التي في كتاب الطلاق )

1751 - ( 1 ) - حديث : إن رجلا على عهد عمر قال لامرأته : حبلك على غاربك ، فقال الرجل : أردت الفراق ، قال : هو ما أردت . مالك في الموطأ والشافعي عنه ، أنه بلغه أنه كتب إلى عمر من العراق : أن رجلا قال لامرأته : حبلك على غاربك ، فكتب عمر إلى عامله : أن مره فليوافني في الموسم . فذكره ، وفيه : " أنه استحلفه عند البيت ، فقال : " أردت الفراق ، فقال : هو ما أردت " . ورواه البيهقي من طريق غسان بن مضر ، عن سعيد بن زيد ، عن أبي الحلال العتكي قال : جاء رجل إلى عمر ، فقال عمر : " واف معنا الموسم ، فأتاه الرجل في المسجد الحرام ، فقال : أترى ذلك الأصلع الذي يطوف ، اذهب إليه فسله ، ثم ارجع ، فذهبت إليه ، فإذ هو علي " . فذكر الحديث ، وأنه قال له : " استقبل البيت واحلف ما أردت طلاقا ، فقال الرجل : أنا أحلف بالله ما أردت إلا الطلاق ، فقال : " بانت منك " .

وفي الباب حديث عائشة في قصة بنت الجون حيث قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : { الحقي بأهلك }. أخرجه البخاري ، قال البيهقي : زاد ابن أبي ذئب عن الزهري وفيه : { الحقي بأهلك ، جعلها تطليقة }. قال ، وهذا من قول الزهري ، وفي الصحيحين ، حديث كعب بن مالك في تخلفه عن تبوك ، فقيل له : { اعتزل امرأتك ، قال : أطلقها أم ماذا أفعل ؟ قال : بل اعتزلها ، فقال لها : الحقي بأهلك فكوني عندهم . فلم يرد الطلاق ، فلم تطلق }.

[ ص: 434 ] حديث : " أن رجلا أتى ابن عباس فقال : إني جعلت امرأتي علي حراما ، قال : كذبت ليست عليك بحرام ، ثم تلا { يا أيها النبي لم تحرم }الآية . النسائي بهذا ، وزاد في آخره : " عليك أغلظ الكفارة عتق رقبة " .

وفي الصحيحين عن ابن عباس ، في الحرام بيمين يكفرها . وللبخاري : { إذا حرم امرأته فليس بشيء ، وقال : لقد كان لكم في رسول الله أسوة }.

قوله : اختلفت الصحابة في لفظ الحرام ، فذهب أبو بكر ، وعائشة إلى أنه يمين ، وكفارته كفارة يمين ، وذهب عمر إلى أنه صريح في الطلقات ، وبه قال علي ، وزيد ، وأبو هريرة ، وذهب ابن مسعود إلى أنه ليس بيمين وفيه كفارة يمين .

أما أبو بكر فقال ابن أبي شيبة : نا عبد الرحمن بن سليمان ، عن جويبر عن الضحاك : أن أبا بكر ، وعمر ، وابن مسعود قالوا : من قال لامرأته هي علي حرام ، فليست بحرام ، وعليه كفارة يمين وهذا ضعيف ومنقطع أيضا .

وأما عائشة : فرواه البيهقي والدارقطني من طريق مطر الوراق ، عن عطاء ، عنها : " أنها قالت في الحرام يمين تكفر " .

وأما عمر : فقال البيهقي اختلفت الرواية فيه عن عمر . فروي عنه أنه قال [ ص: 435 ] فيه : " هو يمين يكفرها " .

وروي عنه أنه أتاه رجل قد طلق امرأته تطليقة ، فقال : أنت علي حرام ، فقال عمر : " لا أردها إليك " . ثم ساق الإسناد إليه ، فالأول من طريق جابر الجعفي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس وهو ضعيف ، لكن له شاهد أخرجه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عكرمة ، عن عمر منقطعا ، والثاني من طريق النخعي ، عنه وهو منقطع ، وأما علي وزيد بن ثابت : فقال البيهقي : روينا عن علي وزيد بن ثابت في البرية والبتة والحرام أنها ثلاث ثلاث . قال : وروى مطرف عن الشعبي في الرجل يجعل امرأته عليه حراما ، قال ، يقولون إن عليا قال : " لا أحلها ولا أحرمها " . ثم ساق سنده .

وفي الموطأ عن مالك أنه بلغه عن علي أنه قال في قول الرجل لامرأته : " أنت علي حرام ، ثلاث تطليقات " .

وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن زيد بن ثابت قال : هي ثلاث ، ورواه ابن أبي شيبة من طريق قتادة عنه ، وعن عبد الوهاب الثقفي ، عن شعبة عن مطر ، عن حميد بن هلال ، عن سعد بن هشام ، عن زيد بن ثابت قال : " هي ثلاث لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره " . وهذه الرواية أوصل الروايات عنه ، وجاء عنه من طريق قبيصة بن ذؤيب قال : سألت زيد بن ثابت وابن عمر عمن قال لامرأته : أنت علي حرام ، قالا جميعا : كفارة يمين ، وسندها صحيح أخرجه ابن حزم .

وأما أبو هريرة : فحكاها أيضا أبو بكر بن العربي ، ولم أقف على إسنادها . وأما ابن مسعود : فرواه البيهقي من طرق ، منها : نيته في الحرام ما نوى ، إن لم يكن نوى طلاقا فهي يمين ، وهذه رواية الشافعي من طريق الحكم عن إبراهيم عنه ، وفي لفظ : إن نوى يمينا فيمين ، وإن نوى طلاقا فطلاق ، وهذه رواية [ ص: 436 ] الثوري ، عن أشعث ، عن الحكم ، وفي رواية : إن نوى فهي تطليقة رجعية ، وإن لم ينو طلاقا ، فيمين يكفرها ، وهذه رواية عبد الرزاق عن الثوري ، وعن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن مسعود قال : هي يمين يكفرها .

وكل هذا مخالف لما نقل المصنف .

قوله : عن قدامة بن إبراهيم : أن رجلا على عهد عمر بن الخطاب تدلى بحبل ليشتار عسلا فأقبلت امرأته فجلست على الحبل وقالت : تطلقني ثلاثا وإلا قطعت الحبل ، فذكرها بالله والإسلام فأبت ، فطلقها ثلاثا ، ثم خرج إلى عمر فذكر ذلك له : فقال : " ارجع إلى أهلك فليس بطلاق " . البيهقي من طريق عبد الملك بن قدامة بن محمد بن إبراهيم بن حاطب الجمحي ، عن أبيه ، وهو منقطع ، لأن قدامة لم يدرك عمر .

وفي الباب عن ابن عباس وعلي وابن عمر وابن الزبير وغيرهم ، " قالوا : ليس على مكره طلاق " . أخرجه ابن أبي شيبه وغيره .

( تنبيه ) :

روى العقيلي من حديث صفوان بن عمران الطائي نحو هذه القصة مرفوعا ، قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : { لا قيلولة في الطلاق }. ذكره ابن أبي حاتم في العلل عن أبي زرعة وأنه واه جدا .

1753 - ( 3 ) - حديث : أن عمر سئل عمن طلق طلقتين فانقضت عدتها فتزوجها غيره وفارقها ، ثم تزوجها الأول ، فقال : " هي عنده على ما بقي من الطلاق " . رواه البيهقي من طريق الحميدي ، عن سفيان ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله وسليمان بن يسار ، عن أبي هريرة ، وعن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : سألت عمر عن [ ص: 437 ] رجل فذكره ، وإسناده صحيح .

1754 - ( 4 ) - حديث : أن نفيعا - وكان عبدا لأم سلمة - سأل عثمان وزيدا فقال : طلقت امرأتي وهي حرة تطليقتين ، فقالا : " حرمت عليك " . مالك في الموطأ والشافعي عنه به وأتم منه ، ورواه عبد الرزاق من وجه آخر ، عن أم سلمة : { أن غلاما لها طلق امرأة له حرة تطليقتين ، فاستفتت أم سلمة النبي صلى الله عليه وسلم فقال : حرمت عليه }. وفي إسناده عبد الله بن زياد بن سمعان وهو متروك .

1755 - ( 5 ) - حديث : " أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته الكلبية في مرض موته ، فورثها عثمان " . عبد الرزاق في مصنفه ، عن ابن جريج أخبرني ابن أبي مليكة أنه سأل عبد الله بن الزبير فقال له : " طلق عبد الرحمن بن عوف بنت الأصبغ الكلبية فبتها ، ثم مات ، فورثها عثمان في عدتها " . ورواه الشافعي عن مسلم ، عن ابن جريج به وسماها تماضر .

وقال : هذا حديث متصل . وزاد : قال ابن الزبير : وأما أنا فلا أرى أن ترث مبتوتة . ورواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب ، عن طلحة بن عبد الله بن عوف ، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن : أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته ألبتة وهو مريض ، فورثها عثمان بن عفان منه بعد انقضاء عدتها . قال الشافعي : هذا منقطع ، وحديث ابن الزبير متصل .

قوله : وكان الطلاق في هذه القصة بسؤالها . مالك عن ربيعة بلغني أن عبد الرحمن بن عوف سألته امرأته أن يطلقها ، فقال : إذا حضت ثم طهرت فأذنيني ، فلم تحض حتى مرض عبد الرحمن بن عوف ، فلما طهرت أذنته فطلقها ألبتة ، أو تطليقة لم يكن بقي له عليها من الطلاق غيرها . [ ص: 438 ]

( تنبيه ) :

تماضر بضم التاء المثناة ، والأصبغ بغين معجمة .

قوله : وقال الفرزدق يمدح عبد الملك بن هشام :

وما مثله في الناس إلا مملكا أبو أمه حي أبوه يقاربه



كذا وقع فيه ، وفي التهذيب قال يمدح هشام بن إبراهيم خال هشام بن عبد الملك ، قال النووي : الصواب يمدح إبراهيم بن هشام بن إبراهيم بن المغيرة ، خال هشام بن عبد الملك ، انتهى . وهو صواب لكن فيه خطأ أيضا والصواب أنه إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة ، وخبره في أنساب الزبير وغيرها .

1756 - ( 6 ) - حديث ابن عباس : أنه سئل عن رجل قال لامرأته : أنت طالق إلى سنة ، فقال : هي امرأته يستمتع بها إلى سنة . الحاكم ، والبيهقي عن ابن عباس أنه قال : " إذا حلف الرجل على يمين فله أن يستثني ولو إلى سنة " .

وروى البيهقي عن حماد ، عن إبراهيم في رجل قال لامرأته : هي طالق إلى سنة ، قال : هي امرأته يستمتع منها إلى سنة ، قال : روي مثله عن ابن عباس .

قوله : لما ذكر المسألة الشريحية أنه وجد في بعض التعاليق أن مذهب زيد بن ثابت أنه لا يقع الطلاق في المسألة الشريحية . لا أصل له عن زيد ولا عمرو ، فقد قال الدارقطني : كان ابن شريح رجلا فاضلا لولا ما أحدث في الإسلام من مسألة الدور في الطلاق ، وهذا من الدارقطني دال على أنه لم يسبق ابن شريح إلى ذلك ، قلت : وكذا قول جماعة من الشافعية أن ذلك في النص ، أو مقتضى النص ليس بصحيح ، والذي وقع في النص قول الشافعي : لو أقر الأخ الشقيق بابن لأخيه الميت ، ثبت نسبه ولم يرث ; لأنه لو ورث لخرج المقر عن أن يكون وارثا ، ولو لم يكن وارثا لم يقبل إقراره بوارث آخر ، فتوريث الابن يفضي إلى عدم توريثه فتساقطا ، فأخذ ابن شريح من هذا النص مسألة الطلاق المذكورة ، ولم ينص الشافعي عليها في ورد ولا صدر .

التالي السابق


الخدمات العلمية