صفحة جزء
[ ص: 231 ] باب الغسل :

179 - ( 1 ) - حديث : { أنه صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت أبي حبيش : إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة . وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي }متفق عليه ، من حديث عائشة ، بلفظ : { فاغسلي عنك الدم وصلي }وفي رواية للبخاري : { ثم اغتسلي وصلي }. وفي رواية لابن منده : { فلتغتسل ولتصل }واستدل البيهقي على أنها كانت مميزة بقوله في الحديث : { دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها }ثم قال : ويحتمل أنه كان لها حالتان ، حالة تميز ، وحالة لا تميز ، فأمرها بالرجوع إلى العادة .

حديث : { إنما الماء من الماء }كرره في موضع آخر منه ، وقد رواه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري مطولا ، وفيه قصة عتبان بن مالك ، واقتصر البخاري على القصة ، دون قوله : { الماء من الماء } ، ورواه أبو داود وابن خزيمة وابن حبان ، بلفظ الباب ، ورواه أحمد والنسائي وابن ماجه [ ص: 232 ] والطبراني من حديث أبي أيوب ورواه أحمد ، من حديث رافع بن خديج ، ومن حديث عتبان بن مالك ، والطحاوي من حديث أبي هريرة ، وابن شاهين في ناسخه ، من حديث أنس ، وقد جمع طرقه الحازمي ، وقبله ابن شاهين .

180 - ( 2 حديث عائشة : { إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ، فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا } الشافعي في الأم أنا الثقة ، عن الأوزاعي ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، أو عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم ، عنها ، وفي مختصر المزني .

وذكره عن عبد الرحمن بن القاسم بلا شك ، وفي سنن حرملة ، رواه عن الوليد بن مسلم . عن الأوزاعي ، عن عبد الرحمن من غير شك ، وهكذا رواه أحمد في مسنده عن الوليد ، حدثنا الأوزاعي ، حدثني عبد الرحمن بن القاسم به ، قال النسائي : أنا عبيد الله بن سعيد ، ثنا الوليد ، به . والترمذي ثنا محمد بن المثنى ، ثنا الوليد ، ثم قال : حسن صحيح ، وصححه [ ص: 233 ] أيضا ابن حبان وابن القطان ، وأعله البخاري بأن الأوزاعي أخطأ فيه ، ورواه غيره عن عبد الرحمن بن القاسم مرسلا ، واستدل على ذلك بأن أبا الزناد قال : سألت القاسم بن محمد ، سمعت في هذا الباب شيئا ؟ فقال : لا . وأجاب من صححه بأنه يحتمل أن يكون القاسم كان نسيه ، ثم تذكر فحدث به ابنه ، أو كان حدث به ابنه ثم نسي ، ولا يخلو الجواب عن نظر .

( تنبيه ) : قال النووي في التنقيح : هذا الحديث أصله صحيح ، إلا أن فيه تغييرا ، وتبع في ذلك ابن الصلاح ، فإنه قال في مشكل الوسيط : هو ثابت من حديث عائشة بغير هذا اللفظ ، وأما بهذا اللفظ فغير مذكور ، انتهى .

وقد عرف من رواية الشافعي ومن تابعه ، أنه مذكور باللفظ المذكور ، وأصله في مسلم ، بلفظ : { إذا جلس بين شعبها الأربع ، ومس الختان الختان ، فقد وجب الغسل }. حديث عائشة : { إذا التقى الختانان وجب الغسل }تقدم قبله . ( فائدة ) ذهب الجمهور إلى نسخ حديث { إنما الماء من الماء }وأوله ابن عباس ، فقال : إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم { إنما الماء من الماء ، في الاحتلام }أخرجه الطبراني ، وأصله في الترمذي ، ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي إسناده لين ، لأنه من رواية شريك ، عن أبي الجحاف .

وفي [ ص: 234 ] السنن بسند رجاله ثقات ، عن أبي بن كعب قال : إنما كان الماء من الماء ، رخصة في أول الإسلام . لكن وقع عند أبي داود ما يقتضي انقطاعه ، فقال : عن عمرو بن الحارث ، عن ابن شهاب ، حدثني بعض من أرضى ، أن سهل بن سعد أخبره ، أن أبي بن كعب أخبره ، وفي رواية ابن ماجه من طريق يونس ، عن الزهري ، قال : قال سهل . . . وجزم موسى بن هارون والدارقطني ، بأن الزهري لم يسمعه من سهل ، وقال ابن خزيمة : هذا الرجل الذي لم يسمه الزهري ، هو أبو حازم ، ثم ساقه من طريق أبي حازم ، عن سهل ، عن أبي : أن الفتيا التي كانوا يفتون : أن الماء من الماء ، كانت رخصة ، رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء الإسلام ، ثم أمر بالاغتسال بعد ، وقد وقع في رواية لابن خزيمة ، من طريق معمر ، عن الزهري ، أخبرني سهل . فهذا يدفع قول ابن حزم بأنه لم يسمعه منه ، لكن قال ابن خزيمة : أهاب أن تكون هذه اللفظة غلطا من محمد بن جعفر الراوي له ، عن معمر ، قلت : أحاديث أهل البصرة ، عن معمر يقع فيها الوهم ، لكن في كتاب ابن شاهين من طريق معلى بن منصور ، عن ابن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، حدثني سهل ، وكذا أخرجه بقي بن مخلد في مسنده ، عن أبي كريب ، عن ابن المبارك .

وقال ابن حبان : يحتمل أن يكون الزهري سمعه من رجل ، عن سهل ، ثم لقي سهلا فحدثه ، أو سمعه من سهل ، ثم ثبته فيه أبو حازم ، ورواه ابن أبي شيبة ، من طريق شعبة ، عن سيف بن وهب ، عن أبي حرب بن أبي الأسود ، عن عميرة بن يثربي ، [ ص: 235 ] عن أبي بن كعب نحوه ، وروى مالك في الموطأ ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب : أن عمر ، وعثمان ، وعائشة كانوا يقولون : إذا مس الختان الختان ، فقد وجب الغسل " .

وفي الباب عدة أحاديث في عدم الإيجاب ، لكن انعقد الإجماع أخيرا على إيجاب الغسل ، قاله القاضي ابن العربي .

التالي السابق


الخدمات العلمية