صفحة جزء
182 - ( 4 ) - حديث : { من غسل ميتا فليغتسل } أحمد والبيهقي ، من رواية ابن أبي ذئب ، عن صالح مولى التوأمة ، عن أبي هريرة ، بهذا ، وزاد { ومن حمله فليتوضأ } وصالح ; ضعيف ، ورواه البزار ، من رواية [ ص: 237 ] العلاء ، عن أبيه ، ومن رواية محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، ومن رواية أبي بحر البكراوي ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، كلهم عن أبي هريرة ، ورواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث عبد العزيز بن المختار ، وابن حبان ، من رواية حماد بن سلمة كلاهما ، عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه ، عن أبي هريرة ، ورواه أبو داود ، من رواية عمرو بن عمير ، وأحمد من رواية شيخ يقال له أبو إسحاق ، كلاهما عن أبي هريرة ، وذكر البيهقي له طرقا وضعفها ، ثم قال : والصحيح أنه موقوف ، وقال البخاري : الأشبه موقوف . وقال علي وأحمد : لا يصح في الباب شيء ، نقله الترمذي عن البخاري عنهما ، وعلق الشافعي القول به على صحة الخبر ، وهذا في البويطي .

وقال الذهلي : لا أعلم فيه حديثا ثابتا ، ولو ثبت للزمنا استعماله . وقال ابن المنذر : ليس في الباب حديث يثبت ، وقال ابن أبي حاتم في العلل ، عن أبيه : لا يرفعه الثقات ، إنما هو موقوف ، وذكر الدارقطني الخلاف في حديث ابن أبي ذئب ، هل هو عن صالح ، أو عن المقبري ، أو عن سهيل ، عن أبيه ، أو عن القاسم بن عباس ، عن عمرو بن عمير ، ثم قال : وقوله : عن المقبري ، أصح ، وقال الرافعي : لم يصحح علماء الحديث في هذا الباب شيئا [ ص: 238 ] مرفوعا ، قلت : قد حسنه الترمذي وصححه ابن حبان : وله طرق أخرى ، قال عبد الله بن صالح ثنا يحيى بن أيوب ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، رفعه : { من غسل ميتا فليغتسل }ذكره الدارقطني ، وقال : فيه نظر ، قلت : رواته موثقون .

وقال ابن دقيق العيد في الإلمام : حاصل ما يعتل به وجهان ، أحدهما : من جهة الرجال ، ولا يخلو إسناد منها من متكلم فيه ، ثم ذكر ما معناه أن أحسنها رواية سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة وهي معلولة ، وإن صححها ابن حبان وابن حزم ، فقد رواه سفيان ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن إسحاق مولى زائدة ، عن أبي هريرة ، قلت : إسحاق مولى زائدة أخرج له مسلم ، فينبغي أن يصحح الحديث ، قال : وأما رواية محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، فإسناده حسن ، إلا أن الحفاظ من أصحاب محمد بن عمرو رووه عنه موقوفا . وفي الجملة هو بكثرة طرقه أسوأ أحواله أن يكون حسنا ، فإنكار النووي على الترمذي تحسينه معترض ، وقد قال الذهبي في مختصر البيهقي : طرق هذا الحديث أقوى من عدة أحاديث احتج بها الفقهاء ، ولم يعلوها بالوقف ، بل قدموا رواية الرفع ، والله أعلم . وفي الباب : عن عائشة ، رواه أحمد وأبو داود والبيهقي ، وفي إسناده مصعب بن شيبة ، وفيه مقال ، وضعفه أبو زرعة وأحمد . والبخاري ، وصححه ابن خزيمة .

وفيه عن علي : وسيأتي في الجنائز . وعن حذيفة : ذكره ابن أبي حاتم والدارقطني في العلل ، وقالا : إنه لا يثبت ، قلت : ونفيهما الثبوت على طريقة المحدثين ، وإلا فهو على طريقة الفقهاء [ ص: 239 ] قوي ، لأن رواته ثقات ، أخرجه البيهقي ، من طريق معمر ، عن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن حذيفة ، وأعله بأن أبا بكر بن إسحاق الضبعي ، قال : هو ساقط . قال علي بن المديني : لا يثبت فيه حديث ، انتهى . وهذا التعليل ليس بقادح لما قدمناه . وعن أبي سعيد : رواه ابن وهب في جامعه . وعن المغيرة : رواه أحمد في مسنده ، وذكر الماوردي أن بعض أصحاب الحديث خرج لهذا الحديث مائة وعشرين طريقا ، قلت : وليس ذلك ببعيد .

وقد أجاب أحمد عنه بأنه منسوخ ، وكذا جزم بذلك أبو داود ، ويدل له ما رواه البيهقي عن الحاكم ، عن أبي علي الحافظ ، عن أبي العباس الهمداني الحافظ ، ثنا أبو شيبة ، ثنا خالد بن مخلد ، عن سليمان بن بلال ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه ، إن ميتكم يموت طاهرا وليس بنجس ، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم }قال البيهقي : هذا ضعيف ، والحمل فيه على أبي شيبة ، قلت : أبو شيبة ، هو إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة ، احتج به النسائي ووثقه الناس ، ومن فوقه احتج بهم البخاري ، وأبو العباس الهمداني ، هو ابن عقدة ، حافظ كبير ، إنما تكلموا فيه بسبب المذهب ، ولأمور أخرى ، ولم يضعفه بسبب المتون أصلا ، فالإسناد حسن ، فيجمع بينه وبين الأمر في حديث أبي هريرة بأن الأمر على الندب ، أو المراد بالغسل غسل الأيدي ، كما صرح به في هذا الحديث .

قلت : يؤيد أن الأمر فيه للندب ، ما روى الخطيب في ترجمة محمد بن عبد الله المخرمي ، من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : قال لي أبي : كتبت حديث عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر : كنا نغسل الميت ، فمنا من يغتسل ، ومنا من لا يغتسل " ؟ قال : قلت : لا ، قال : في ذلك الجانب شاب يقال له : محمد بن عبد الله ، يحدث به عن أبي هشام المخزومي ، عن وهيب فاكتبه عنه . قلت : وهذا إسناد صحيح ، وهو أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث ، والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية