صفحة جزء
2531 - ( 29 ) - قوله : روي عن بعض التصانيف أن الحلف بأي اسم كان من الأسماء التسعة والتسعين ، التي ورد بها الخبر صريح . أصل الحديث بهذه العدة متفق عليه من حديث أبي هريرة بلفظ : { إن لله تسعة وتسعين اسما ، من أحصاها دخل الجنة }وفي رواية من حفظها ، وفي رواية : { لا يحفظها أحد }. وله طرق ، ورواه ابن خزيمة وابن حبان والترمذي والحاكم ، من حديث [ ص: 319 ] الوليد ، عن شعيب ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، وسرد الأسماء ، قال الترمذي : لا نعلم في كثير شيء من الروايات ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث ، وذكر آدم بن أبي إياس هذا الحديث بإسناد آخر عن أبي هريرة ، وذكر فيه الأسماء ، وليس له إسناد صحيح .

قلت : ورواه ابن ماجه من طريق زهير بن محمد ، عن موسى بن عقبة ، عن الأعرج ، وساق الأسماء ، وخالف سياق الترمذي في الترتيب ، والزيادة والنقص ، فأما الزيادة فهي : " البار ، الراشد ، البرهان ، الشديد ، الواقي ، القائم ، الحافظ ، الفاطر ، السامع ، المعطي ، الأبد ، المنير ، التام " . والطريق التي أشار إليها الترمذي رواها الحاكم في المستدرك من طريق عبد العزيز بن الحصين ، عن أيوب ، وعن هشام بن حسان جميعا ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، وفيها أيضا زيادة ونقصان . وقال : المحفوظ عن أيوب وهشام بدون ذكر الأسامي ، قال الحاكم : وعبد العزيز ثقة .

قلت : بل متفق على ضعفه ، وهاه البخاري ومسلم وابن معين ، وقال البيهقي : ضعيف عند أهل النقل ، قال البيهقي : ويحتمل أن يكون التفسير وقع من بعض الرواة . ولهذا الاحتمال ترك الشيخان إخراج حديث الوليد في الصحيح . وقال القاضي أبو بكر بن العربي : لا نعلم هل تفسير هذه الأسامي في الحديث أو من قول الراوي قلت : والدليل على ذلك اختلافها ، وإن كان حديث الوليد أرجحها من حيث الإسناد ، وقال أبو محمد بن حزم : جاء في إحصائها أحاديث مضطربة ، لا يصح منها شيء أصلا .

وقال ابن عطية : حديث الترمذي ليس بالمتواتر وفي بعض الأسماء التي فيه شذوذ ، وقد ورد في { دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : يا حنان يا منان }. وليس في حديث الترمذي واحد منها ، انتهى . وقال الغزالي ، لم أعرف أحدا من العلماء اعتنى بطلب الأسماء وجمعها من الكتاب سوى رجل من حفاظ أهل المغرب يقال له : علي بن حزم ، فإنه قال : صح عندي قريب من ثمانين اسما ، اشتمل عليها الكتاب ; قال : فليتطلب الباقي من الصحاح من الأخبار قال الغزالي : وأظنه لم [ ص: 320 ] يبلغه الحديث الذي في عدد الأسماء ، أو بلغه واستضعف إسناده ، انتهى . وقد قدمنا قوله الدال على أنه لم يصح عنده . وقال القرطبي في شرح الأسماء الحسنى له : العجب من ابن حزم ذكر من الأسماء الحسنى نيفا وثمانين فقط ، والله يقول : { ما فرطنا في الكتاب من شيء }ثم ساق ما ذكره ابن حزم : " وهو الله ، الرحمن ، الرحيم ، العليم ، الحكيم ، الكريم ، العظيم ، الحليم ، القيوم ، الأكرم ، السلام ، التواب ، الرب ، الوهاب ، الإله ، القريب ، المجيب ، السميع ، الواسع ، العزيز ، الشاكر ، القاهر ، الآخر ، الظاهر ، الكبير ، الخبير ، القدير ، البصير ، الغفور ، الشكور ، الغفار ، القهار ، الجبار ، المتكبر ، المصور ، البر ، المقتدر ، البارئ ، العلي ، الولي ، القوي ، المحيي ، الغني ، المجيد ، الحميد ، الودود ، الصمد ، الأحد ، الواحد ، الأول ، الأعلى ، المتعال ، الخالق ، الخلاق ، الرزاق ، الحق ، اللطيف ، الرءوف ، العفو ، الفتاح ، المبين ، المتين ، المؤمن ، المهيمن ، الباطن ، القدوس ، الملك ، المليك ، الأكبر ، الأعز ، السيد ، السبوح ، الوتر ، المحسن ، الجميل ، الرفيق ، المعز ، القابض ، الباسط ، الباقي ، المعطي ، المقدم ، المؤخر ، الدهر " . فهذه أحد وثمانون اسما . قال القرطبي : وفاته " الصادق ، المستعان ، المحيط ، الحافظ ، الفعال ، الكافي ، النور ، الفاطر ، البديع ، الفالق ، الرافع ، المخرج " .

قلت : وقد عاودت تتبعها من الكتاب العزيز إلى أن حررتها منه تسعة وتسعين اسما . ولا أعلم من سبقني إلى تحرير ذلك فإن الذي ذكره ابن حزم لم يقتصر فيه على ما في القرآن بل ذكر ما اتفق له العثور عليه منه ، وهو سبعة وستون اسما متوالية ، كما نقلته عنه آخرها الملك ، وما بعد ذلك النقطة من الأحاديث . فمما لم يذكره وهو في القرآن : " المولى ، النصير ، الشهيد ، الشديد ، الحفي ، الكفيل ، الوكيل ، الحسيب ، الجامع ، الرقيب ، النور ، البديع ، الوارث ، السريع ، المقيت ، الحفيظ ، المحيط ، القادر ، الغافر ، الغالب ، الفاطر ، العالم ، القائم ، المالك ، الحافظ ، المنتقم المستعان ، الحكم ، الرفيع ، الهادي ، الكافي ، ذو الجلال والإكرام " . فهذه اثنان وثلاثون اسما جميعها واضحة في القرآن إلا " الحفي " فإنه في سورة مريم ، فهذه تسعة وتسعون اسما منتزعة من القرآن ، منطبقة على قوله عليه الصلاة والسلام: { إن لله تسعة وتسعين اسما ، موافقة لقوله تعالى: { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } }. فلله الحمد على جزيل عطائه ، وجليل نعمائه .

وقد رتبتها على هذا الوجه ليدعى بها : [ ص: 321 ] الإله الرب الواحد ، الله الرب الرحمن الرحيم ، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز الجبار ، المتكبر الخالق ، البارئ المصور ، الأول الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الحي القيوم ، العلي العظيم التواب ، الحليم الواسع الحكيم ، الشاكر العليم الغني ، الكريم العفو القدير ، اللطيف الخبير السميع ، البصير المولى النصير ، القريب المجيب الرقيب ، الحسيب القوي الشهيد ، الحميد المجيد المحيط ، الحفيظ الحق المبين ، الغفار القهار الخلاق ، الفتاح الودود الغفور ، الرءوف الشكور الكبير ، المتعال المقيت المستعان ، الوهاب الحفي الوارث ، الولي القائم القادر ، الغالب القاهر البر ، الحافظ ، الأحد الصمد ، المليك المقتدر الوكيل ، الهادي الكفيل الكافي ، الأكرم الأعلى الرزاق ، ذو القوة المتين ، غافر الذنب ، قابل التوب شديد العقاب ، ذو الطول رفيع الدرجات ، سريع الحساب ، فاطر السموات والأرض ، بديع السموات والأرض ، نور السموات والأرض ، مالك الملك ذو الجلال والإكرام " . ( تنبيه ) في قوله : " من أحصاها " أربعة أقوال : أحدها : من حفظها . فسره به البخاري في صحيحه وتقدمت الرواية الصريحة به ، وأنها عند مسلم .

ثانيها : من عرف معانيها وآمن بها . ثالثها : من أطاقها بحسن الرعاية لها ، وتخلق بما يمكنه من العمل بمعانيها . رابعها : أن يقرأ القرآن حتى يختمه فإنه يستوفي هذه الأسماء في أضعاف التلاوة ، وذهب إلى هذا أبو عبد الله الزبيري وقال النووي : الأول هو المعتمد قلت : ويحتمل أن يراد من تتبعها من القرآن ، ولعله مراد الزبيري . ( تنبيه آخر ) ظاهر كلام ابن كج حصر أسماء الله في العدد المذكور ، وبه جزم ابن حزم ونوزع ، ويدل على صحة ما خالفه ، حديث ابن مسعود في الدعاء الذي فيه : { أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك }. الحديث ، وقد صححه ابن حبان وغيره . ويدل على عدم الحصر أيضا اختلاف الأحاديث الواردة في سردها وثبوت أسماء غير ما ذكرته في الأحاديث الصحيحة .

التالي السابق


الخدمات العلمية