صفحة جزء
2 - ( 2 ) - حديث : { أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من بئر بضاعة } " . الشافعي وأحمد وأصحاب السنن ، والدارقطني والحاكم والبيهقي ، من حديث أبي سعيد الخدري قال : { قيل : يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة ، وهي بئر يلقى فيها الحيض الكلاب والنتن ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الماء طهور لا ينجسه شيء }وقال : حديث حسن ، وقد جوده أبو أسامة ، وصححه أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وأبو محمد بن حزم ، ونقل ابن الجوزي أن الدارقطني قال : إنه ليس بثابت ، ولم نر ذلك في العلل له ولا في السنن .

وقد ذكر في العلل الاختلاف فيه على ابن إسحاق وغيره ، وقال في آخر الكلام عليه : وأحسنها إسنادا رواية الوليد بن كثير ، عن محمد بن كعب ، - يعني - عن عبد الله بن عبد الرحمن بن رافع [ ص: 14 ] عن أبي سعيد ، وأعله ابن القطان بجهالة راويه عن أبي سعيد ، واختلاف الرواة في اسمه ، واسم أبيه .

قال ابن القطان : وله طريق أحسن من هذه ، قال : قاسم بن أصبغ في مصنفه : ثنا محمد بن وضاح ، ثنا عبد الصمد بن أبي سكينة الحلبي بحلب ، ثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن سهل بن سعد ، قال : { قالوا : يا رسول الله إنك تتوضأ من بئر بضاعة وفيها ما ينجي الناس والمحائض ، والخبث ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الماء لا ينجسه شيء }وقال محمد بن عبد الملك بن أيمن في مستخرجه على سنن أبي داود : حدثنا محمد بن وضاح به ، قال ابن وضاح : لقيت ابن أبي سكينة بحلب فذكره ، وقال قاسم بن أصبغ : هذا من أحسن شيء في بئر بضاعة .

وقال ابن حزم : عبد الصمد ثقة مشهور . قال قاسم : ويروى عن سهل بن سعد في بئر بضاعة من طرق هذا خيرها . وقال ابن منده في حديث أبي سعيد : هذا إسناد مشهور . قلت : ابن أبي سكينة الذي زعم ابن حزم أنه مشهور ، قال ابن عبد البر وغير واحد : إنه مجهول ، ولم نجد عنه راويا إلا محمد بن وضاح .

تنبيه .

قوله : " أتتوضأ ؟ ، " بتاءين مثناتين من فوق ، خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، قال الشافعي : كانت بئر بضاعة كبيرة واسعة ، وكان يطرح فيها من الأنجاس ما لا يغير لها لونا ولا طعما ولا يظهر له ريح ، فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم : تتوضأ من بئر بضاعة ، وهي يطرح فيها كذا وكذا ؟ ، فقال مجيبا : " الماء لا ينجسه شيء " قلت : وأصرح من ذلك ، ما رواه النسائي ( 500 ) بلفظ : { مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يتوضأ من بئر بضاعة ، فقلت : أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النتن ؟ ، فقال : إن الماء لا ينجسه شيء } ، وقد وقع مصرحا به في رواية قاسم بن أصبغ ، في حديث سهل بن سعد أيضا ، وهذا أشبه بسياق صاحب الكتاب .

قوله : " وكان ماء هذه البئر كنقاعة الحناء " هذا الوصف لهذه البئر لم أجد له أصلا .

قلت : ذكره ابن المنذر فقال : ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم " { توضأ من [ ص: 15 ] بئر كأن ماءه نقاعة الحناء }فلعل هذا معتمد الرافعي فينظر إسناده من كتابه الكبير . انتهى . وقد ذكره ابن الجوزي في تلقينه { أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من غدير ، ماؤه كنقاعة الحناء }وكذا ذكره ابن دقيق العيد ، فيما علقه على فروع ابن الحاجب : وفي الجملة لم يرد ذلك في بئر بضاعة ، وقد جزم الشافعي أن بئر بضاعة كانت لا تتغير بإلقاء ما يلقى فيها من النجاسات لكثرة مائها .

وروى أبو داود عن قيمها ما يراجع منه ، وروى الطحاوي عن الواقدي ، أنها كانت سيحا تجري ، ثم أطال في ذلك ، وقد خالفه البلاذري في تاريخه فروي عن إبراهيم بن غياث ، عن الواقدي قال : تكون بئر بضاعة سبعا في سبع ، وعيونها كثيرة فهي لا تنزح .

التالي السابق


الخدمات العلمية