بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( كتاب النذر )

الكلام في هذا الكتاب في الأصل في ثلاثة مواضع : في بيان ركن النذر ، وفي بيان شرائط الركن ، وفي بيان حكم النذر أما الأول : فركن النذر هو الصيغة الدالة عليه وهو قوله : " لله عز شأنه علي كذا ، أو علي كذا ، أو هذا هدي ، أو صدقة ، أو مالي صدقة ، أو ما أملك صدقة ، ونحو ذلك .

( فصل ) :

وأما شرائط الركن فأنواع : بعضها يتعلق بالناذر ، وبعضها يتعلق بالمنذور به ، وبعضها يتعلق بنفس الركن .

أما الذي يتعلق بالناذر فشرائط الأهلية : .

( منها ) العقل .

( ومنها ) البلوغ ، فلا يصح نذر المجنون والصبي الذي لا يعقل ، لأن حكم النذر وجوب المنذور به ، وهما ليسا من أهل الوجوب ، وكذا الصبي العاقل ; لأنه ليس من أهل وجوب الشرائع ، ألا ترى أنه لا يجب عليهما شيء من الشرائع بإيجاب الشرع ابتداء ؟ فكذا بالنذر ، إذ الوجوب عند [ ص: 82 ] وجود الصيغة من الأهل في المحل بإيجاب الله - تعالى - لا بإيجاب العبد ، إذ ليس للعبد ولاية الإيجاب ، وإنما الصيغة علم على إيجاب الله - تعالى - .

( ومنها ) الإسلام فلا يصح نذر الكافر ، حتى لو نذر ثم أسلم لا يلزمه الوفاء به ، وهو ظاهر مذهب الشافعي رحمه الله ; لأن كون المنذور به قربة شرط صحة النذر ، وفعل الكافر لا يوصف بكونه قربة .

( وأما ) حرية الناذر فليست من شرائط الصحة ; فيصح نذر المملوك ، ثم إن كان المنذور به من القرب الدينية كالصلاة والصوم ونحوهما يجب عليه للحال ، ولو كان من القرب المالية كالإعتاق والإطعام ونحو ذلك يجب عليه بعد العتاق ; لأنه ليس من أهل الملك للحال ولو قال : إن اشتريت هذه الشاة فهي هدي ، أو إن اشتريت هذا العبد فهو حر ، فعتق لم يلزمه حتى يضيفه إلى ما بعد العتق في قياس قول أبي حنيفة ، وقد ذكرناه في كتاب العتاق .

( وأما ) الطواعية فليست بشرط عندنا خلافا للشافعي رحمه الله كما في اليمين ، وكذا الجد والهزل والله - عز شأنه - أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية