بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( وأما ) بيان كيفية الضمان وقدره فالرهن لا يخلو إما أن يكون من جنس حق المرتهن ، أو من خلاف جنس حقه ، فإن كان من خلاف جنس حقه فإما أن يكون شيئا واحدا ، وإما أن يكون أشياء ، فإن كان شيئا واحدا ، يهلك مضمونا بالأقل من قيمته ومن الدين ، وتفسيره إذا رهن عبدا قيمته ألف بألف فهلك ، ذهب الدين كله ، وإن كانت قيمة العبد ألفين فهلك ، ذهب كل الدين أيضا ، وفضل الرهن يهلك أمانة ، وإن كانت قيمته خمسمائة ، ذهب من الدين خمسمائة ويرجع المرتهن على الراهن بفضل الدين ، وهذا قول عامة العلماء وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، مثل سيدنا عمر وعبد الله بن مسعود وهو رواه عن سيدنا علي رضي الله عنهم ، ومنهم من قال : إنه مضمون بقيمته بالغة ما بلغت ، أي على المرتهن فضل قيمة الرهن .

وهكذا روي عن ابن سيدنا عمر رضي الله عنهما ، ومنهم من قال : إنه مضمون بالدين بالغا ما بلغ ، أي يذهب كل الدين قلت قيمة الدين أو كثرت وهو مذهب شريح وعن سيدنا علي رواية أخرى أنه قال : يترادان الفضل يعني إن كانت قيمة الرهن أكثر فللراهن أن يرجع على المرتهن بفضل القيمة ، وإن كانت قيمته أقل ، فللمرتهن أن يرجع على الراهن بفضل الدين .

واختلافهم على هذا الوجه حجة على الشافعي رحمه الله في قوله : إن المرهون أمانة ; لأن اختلافهم في كيفية الضمان وقدره اتفاق منهم على كونه مضمونا ، فإنكار الضمان أصلا يرجع إلى مخالفة الإجماع فكان باطلا ، ثم الرجحان في كيفية الضمان ; لقول سيدنا عمر وابن مسعود رضي الله عنهما ; لأن المرهون مضمون عندنا بطريق الاستيفاء ; لأن قبض الرهن قبض استيفاء ويتقرر الاستيفاء عند الهلاك فيتقرر الضمان فيه بقدر الاستيفاء ، فإن كانت قيمة الرهن مثل الدين ، أمكن تحقيق الاستيفاء ; لأن استيفاء الدين مثله صورة ومعنى أو معنى لا صورة ، وإذا كانت قيمته أكثر ، لا يتحقق الاستيفاء إلا في قدر الدين ولا يتحقق في الزيادة ; لأن استيفاء الأقل من الأكثر يكون ربا ، وإذا كانت قيمته أقل ، لا يمكنه تحقيق الاستيفاء إلا بقدر الدين ; لأن استيفاء الأكثر من الأقل لا يتصور ، هذا إذا كان المرهون شيئا واحدا فأما إذا كان أشياء بأن رهن عبدين أو ثوبين أو دابتين أو نحو ذلك فلا يخلو ( إما ) أن أطلق الرهن ولم يسم لكل واحد منهما شيئا من الدين .

( وإما ) أن قيد وسمى لكل واحد منهما قدرا معلوما من الدين ، فإن أطلق ، يقسم الدين عليهما على قدر قيمتهما وكان كل واحد منهما مضمونا بالأقل من قيمة نفسه ومن حصته من الدين ; لأن كل واحد منهما مرهون والمرهون مضمون بالدين فلا بد من قسمة الدين على قيمتهما ; ليعرف قدر ما في كل واحد منهما من الضمان ، كما ينقسم الثمن عليهما في باب البيع باعتبار قيمتهما لمعرفة مقدار الثمن ; لأن المرهون مضمون بالدين كما أن البيع مضمون بالثمن ، وإن قيد كان كل واحد منهما مضمونا بالأقل من قيمته ومما سمي له ; لأنه لما سمى وجب اعتبار التسمية فينظر إلى القدر المسمى لكل واحد منهما فأيهما هلك ; يهلك بالأقل من قيمته ومن القدر المسمى ، كما في باب البيع إذا سمى لكل واحد من المبيعين ثمنا ، أنه ينقسم الثمن عليهما بالقدر المسمى كذا هذا ، إذا كان المرهون من خلاف جنس الدين وهلك في يد المرتهن ، فأما إذا كان من [ ص: 161 ] جنسه بأن رهن موزونا بجنسه أو مكيلا بجنسه وهلك في يد المرتهن فقد اختلف أصحابنا فيه قال أبو حنيفة : يهلك مضمونا بالدين باعتبار الوزن دون القيمة ، حتى لو كان وزن الرهن بمثل وزن الدين ، وقيمته أقل منه فهلك يذهب كل الدين عنده ، وعند أبي يوسف ومحمد : يضمن القيمة من خلاف الجنس على ما نذكر فمن أصل أبي حنيفة أنه يعتبر الوزن دون القيمة في الهالك ، ومن أصلهما أنهما يعتبران الوزن فيما لا يتضرر به المرتهن ، فأما فيما يتضرر به فيضمنان القيمة من خلاف الجنس .

( وأما ) في الانكسار فأبو حنيفة يضمن القيمة ، وكذلك أبو يوسف عند الاستواء في الوزن والقيمة ولا يريان الجعل بالدين أصلا ، ومحمد يجعل بالدين لكن عند الإمكان بأن لا يؤدي ذلك إلى الضرر بالراهن ولا بالمرتهن ، ولا يؤدي إلى الربا فإن أدى إلى شيء مما ذكرنا ، فإنه لا يجعل بالدين أيضا ، وإذا كانت قيمة الرهن أكثر فأبو يوسف يجعل النقصان الحاصل بالانكسار شائعا في قدر الأمانة والمضمون ، فما كان في الأمانة يذهب بغير شيء وما كان في المضمون يضمن المرتهن قيمته ويملك من الرهن بقدره ، ومحمد رحمه الله يصرف النقصان إلى الزيادة ، وإذا كثر النقصان حتى انتقص من الدين ، يخير الراهن بين أن يفتكه وبين أن يجعله بالدين ، ومن أصل أبي حنيفة أنه يجوز استيفاء الزيوف من الجياد ، حتى لو أخذ صاحب الدين الزيوف عن الجياد ولم يعلم به حتى هلك عنده سقط دينه ، وكذا عند محمد إلا أن محمدا ترك أصله في الرهن ، وعند أبي يوسف لا يسقط بل يرد مثل ما قبض ويأخذ مثل حقه ، فمن أصله أنه لا يجوز استيفاء الزيوف عن الجياد ، فهذه أصول هذه المسائل .

( وأما ) تخريجها على هذه الأصول فنقول وبالله التوفيق : إذا كان الدين عشرة دراهم فرهن به قلب فضة فهلك أو انكسر في يد المرتهن ، فوزن القلب لا يخلو إما أن يكون مثل وزن الدين بأن كان عشرة ، وإما أن يكون أقل من وزنه بأن كان ثمانية ، وإما أن يكون أكثر من وزنه بأن كان اثني عشر ، وكل وجه من هذه الوجوه يدخله الهلاك والانكسار ، فإن كان وزن القلب مثل وزن الدين عشرة فإن كانت قيمته مثل وزنه فهلك يهلك بالدين بلا خلاف ; لأن في وزنه وقيمته وفاء بالدين ولا ضرر فيه بأحد ولا فيه ربا فيهلك بالدين على ما هو حكم الرهن عندنا ، وإن انكسر وانتقص لا يجبر الراهن على الافتكاك بلا خلاف لأنه لو افتكه إما أن يفتكه بجميع الدين ، وإما أن يسقط شيء من الدين بمقابلة النقصان لا سبيل إلى الأول ; لأن فيه ضررا بالراهن لفوات حقه عن الجودة والصناعة من غير عوض ، ولا سبيل إلى الثاني ; لأنه يؤدي إلى الربا ; لأن الدين والرهن يستويان في الوزن ، والجودة لا قيمة لها شرعا عند مقابلتها بجنسها فكانت ملحقة بالعدم شرعا ، فيكون إيفاء عشرة بثمانية فتكون ربا ، فيتخير ; إن شاء افتكه بجميع الدين ورضي بالنقصان ، وإن شاء ضمن المرتهن قيمته بالغة ما بلغت فكانت رهنا مكانه ، ويصير القلب ملكا للمرتهن بالضمان ، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ، وقال محمد : إن شاء افتكه بجميع الدين وإن شاء جعله بالدين ويصير ملك المرتهن بدينه .

( وجه ) قول محمد أن ضمان القيمة لا يناسب قبض الرهن ; لأن ذلك موجب قبض هو تعد كقبض الغصب ، وقبض الرهن مأذون فيه فلا يناسب ضمان القيمة ويناسبه الجعل بالدين ; لأنه قبض استيفاء وفي الجعل بالدين تقرير الاستيفاء .

( وجه ) قولهما أن جعل الرهن بالدين حال قيامه من أعمال الجاهلية ، جاء الإسلام وأبطله بقوله : { لا يغلق الرهن } والجعل بالدين غلق الرهن فكان باطلا ، وبه تبين أن ملك الرهن بالدين لا يجوز أن يكون حكم هذا التصرف وأن حكمه ملك اليد والحبس لا ملك العين والرقبة .

( فأما ) ضمان القيمة فيصلح حكما له في الجملة ، ألا ترى أن محمدا يقول به عند تعذر الجعل بالدين على ما نذكر وإن كانت قيمته أقل من وزن الدين بأن كانت ثمانية فهلك ، يهلك بجميع الدين عند أبي حنيفة رحمه الله ; لأنه يعتبر الوزن دون القيمة عند الهلاك ، وفي وزنه وفاء الدين ، وعندهما لا يهلك بالدين ويضمن المرتهن قيمته من خلاف جنسه .

( وجه ) قولهما أنه لو هلك بالدين ( إما ) أن يهلك بوزنه ، ( وإما ) أن يهلك بقيمته ، لا سبيل إلى الأول ; لأن فيه ضررا بالمرتهن ، ولا وجه إلى الثاني ; لأنه يؤدي إلى الربا فيخير المرتهن بين أن يرضى بسقوط الدين ، وبين أن يضمن قيمة الرهن من خلاف جنسه فيكون رهنا مكانه ولأبي حنيفة رحمه الله أن قبض الرهن قبل الاستيفاء ، والجيد والرديء في الاستيفاء على السواء ; لأن استيفاء الزيوف عن الجياد جائز عنده ، وإن [ ص: 162 ] انكسر ، فالراهن بالخيار إن شاء افتكه بجميع الدين ، وإن شاء ضمن المرتهن قيمته من خلاف جنسه بالإجماع ، وليس له خيار الجعل بالدين هنا بلا خلاف .

( أما ) على أصل أبي حنيفة وأبي يوسف ; فلأنهما لا يريان الجعل بالدين أصلا ، ومحمد رحمه الله إن كان يرى ذلك لكن عند الإمكان وههنا لا يمكن ; لأنه لو جعل الدين باعتبار الوزن يؤدي إلى الضرر بالمرتهن حيث يصير الرهن الذي قيمته ثمانية بعشرة .

ولو جعل باعتبار القيمة يؤدي إلى الربا فمست الضرورة إلى ضمان القيمة ، والله تعالى أعلم وإن كانت قيمته أكثر من وزنه بأن كانت اثني عشر فهلك ، يهلك بالدين عند أبي حنيفة اعتبارا للوزن وكذلك عند محمد ; لأن الجودة هنا فضل ، فكان أمانة بمنزلة الفضل في الوزن .

( أما ) على قول أبي يوسف فقيل : يضمن المرتهن قيمة خمسة أسداس القلب من الذهب ، ويرجع بدينه ; لأن الجودة عنده مضمونة ، وقيل : يهلك بالدين عنده أيضا ; لأنه يعتبر الوزن في الهلاك لا الجودة وإنما يعتبر الجودة في الانكسار ، وإن انكسر ، فالراهن بالخيار عند أبي حنيفة إن شاء افتكه بالدين مع النقصان ، وإن شاء ضمنه قيمته من خلاف جنسه فيكون رهنا مكانه ; لما ذكرنا فيما تقدم سواء كان النقصان الحاصل بالانكسار قدر درهم بأن عادت قيمته إلى أحد عشر ، أو قدر درهمين بأن عادت قيمته عشرة أو أكثر من ذلك بأن صارت قيمته ثمانية ، وعند أبي يوسف إن شاء افتكه بالدين وإن شاء ضمن المرتهن قيمته خمسة أسداس من القلب من خلاف جنسه ، فتصير خمسة أسداس الرهن ملكا للمرتهن بالضمان ، وسدس الرهن مع خمسة أسداس القيمة رهنا بالدين ; لأن من أصله أن يجعل قدر النقصان الحاصل بالانكسار شائعا في قدر الأمانة ، والمضمون والقدر الذي في الأمانة يذهب بغير شيء ، والقدر الذي في المضمون يضمن قيمته فيصير ذلك القدر من الرهن ملكا له ، وعند محمد ينظر إلى النقصان إن كان قدر درهم أو درهمين ، لا ضمان على المرتهن ، ويجبر الراهن على الفكاك ، وإن زاد على ذلك ، يخير بين الفكاك وبين الجعل بالدين ، كما لو كانت قيمته ووزنه سواء ; لأن من أصله أنه يصرف النقصان الحاصل بالانكسار إلى الجودة الزائدة ، إلا إذا كثر النقصان حتى عادت قيمته إلى ثمانية ، فله أن يجعله بالدين إن شاء ، وإن شاء افتكه ، وقيل : إن على قوله له أن يضمنه ، كما قال أبو حنيفة رحمه الله ; لما في الجعل بالدين من إسقاط حقه عن الجودة ، هذا إذا كان وزن القلب مثل وزن الدين عشرة ، فأما إذا كان أقل من وزنه ثمانية فإن كانت قيمته مثل وزنه فهلك ، يهلك بمثل وزنه من الدين وهو ثمانية بالإجماع ، وإن انكسر ، فالراهن بالخيار إن شاء افتكه بالدين ، وإن شاء ضمن المرتهن قيمته من خلاف جنسه فكانت رهنا ، والقلب للمرتهن بالضمان عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، وعند محمد إن شاء افتكه بالدين وإن شاء جعله بمثل وزنه من الدين ; لما قلنا ، وإن كانت قيمته أقل من وزنه سبعة فهلك ، يهلك بثمانية في قول أبي حنيفة ; اعتبارا للوزن ، وعندهما يضمن قيمته من خلاف جنسه ; لما بينا ، وإن انكسر ، ضمن القيمة بالإجماع .

( أما ) على قول أبي حنيفة وأبي يوسف ; فلأنهما لا يجيزان الجعل بالدين حال قيام الرهن أصلا ورأسا ، ومحمد إن كان يجيزه ; لكن شريطة انعدام الضرر ، وفي الجعل بالدين هنا ضرر بالمرتهن ، وإن كانت قيمته أكثر من وزنه فكانت تسعة أو كانت مثل الدين عشرة فهلك يهلك بقدر وزنه ثمانية عند أبي حنيفة ، وعندهما يضمن القيمة ، وإن انكسر إن شاء افتكه بالدين وإن شاء ضمن القيمة بالإجماع ; لما ذكرنا ، وإن كانت قيمته أكثر من الدين اثني عشر فهلك يهلك بثمانية عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف يضمن خمسة أسداس قيمته ، وإن انكسر ، فعند أبي حنيفة إن شاء افتكه بالدين وإن شاء ضمنه جميع القيمة وكانت قيمته رهنا والقلب ملكا للمرتهن ، وعند أبي يوسف يضمن خمسة أسداس قيمته ويكون سدس القلب مع خمسة أسداس قيمته رهنا عنده بالدين ، وعند محمد يصرف النقصان الحاصل بالانكسار بالأمانة إن قل النقصان بأن كان درهما أو درهمين ، ويجبر الراهن على الافتكاك ، وإن كان أكثر من ذلك ، يخير الراهن بين الافتكاك وبين الجعل بالدين ; هذا إذا كان وزن القلب أقل من وزن الدين ثمانية ، فأما إذا كان أكثر من وزنه اثنا عشر فإن كانت قيمته مثل وزنه اثني عشر فهلك ، سقط الدين والزيادة على الدين تهلك أمانة بلا خلاف وإن انكسر ضمن خمسة أسداسه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ، وعند محمد له أن يجعل خمسة أسداسه بالدين ، وإن كانت قيمته أقل من وزنه [ ص: 163 ] وأكثر من الدين بأن كانت أحد عشر فهلك سقط الدين بخمسة أسداسه ، والزيادة تهلك أمانة عند أبي حنيفة ، ولا رواية عنهما في هذا الفصل .

وإن انكسر ضمن خمسة أسداس القلب عند أبي حنيفة ; لأنه لا يعتبر الجودة ولا يرى الجعل بالدين ، وعند أبي يوسف يجب أن يكون هكذا ، وكذلك عند محمد ; لتعذر التمليك بالدين ; لما فيه من الضرر ، وإن كانت قيمته مثل وزن الدين عشرة فهلك ، يهلك خمسة أسداس بالدين عند أبي حنيفة ; لأنه يعتبر الوزن ، وعندهما يضمن خمسة أسداسه ويرجع بحقه ، وإن انكسر ضمن خمسة أسداسه عند أبي حنيفة ، وعندهما يغرم جميع القيمة ولا يمكن الجعل بالدين عند محمد ; لأنه يؤدي إلى الربا وإن كانت قيمته أقل من الدين ثمانية فهلك ، ذهب خمسة أسداسه بالدين في قول أبي حنيفة وإن انكسر ضمن خمسة أسداسه ، وعندهما يغرم القيمة في الحالين ، وإن كانت قيمته خمسة عشر فهلك ، يهلك خمسة أسداسه بالدين في قول أبي حنيفة ، وإن انكسر ضمن خمسة أسداسه عند أبي حنيفة ، ثم في كل موضع ضمن المرتهن بعض القلب وهلك ذلك القدر بالضمان وصار شريكا ، فهذا شيوع طارئ فعلى جواب ظاهر الرواية يقطع القلب فيكون الباقي مع القدر الذي غرم رهنا ; لأن الشيوع يمنع صحة الرهن مقارنا كان أو طارئا ، وعلى رواية أبي يوسف لا حاجة إلى القطع ; لأن الشيوع الطارئ لا يمنع بقاء العقد على الصحة .

التالي السابق


الخدمات العلمية