بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( فصل ) :

وأما الذي يرجع إلى المقطوع له فما ذكر في كتاب السرقة ، وهو أن يكون المأخوذ مالا متقوما معصوما ليس فيه لأحد حق الأخذ ، ولا تأويل التناول ، ولا تهمة التناول مملوكا لا ملك فيه للقاطع ، ولا تأويل الملك ، ولا شبهة الملك محرزا مطلقا بالحافظ ليس فيه شبهة العدم نصابا كاملا : عشرة دراهم ، أو مقدرا بها حتى لو كان المال المأخوذ لا يصيب كل واحد من القطاع عشرة لا حد عليهم ، قد ذكرنا دلائل هذه الشرائط ، والمسائل التي تخرج عليها في كتاب السرقة ، وشرط الحسن بن زياد في نصاب قطع الطريق أن يكون عشرين درهما فصاعدا ، وقال عيسى بن زياد : إن قتلوا قتلوا ، وإن كان ما أخذ كل واحد منهم أقل من عشرة .

( وجه ) قول الحسن : أن الشرع قدر نصاب السرقة بعشرة ، والواجب فيها قطع طرف الواحد ، وههنا يقطع طرفان فيشترط نصابان ، وذلك عشرون .

( وجه ) قول عيسى - رحمه الله - : أنا أجمعنا على أنهم لو قتلوا ، ولم يأخذوا المال أصلا قتلوا ، فإذا أخذوا شيئا من المال ، وإن قل أولى أن يقتلوا .

( ولنا ) الفرق بين النوعين ، وهو أنهم لما قتلوا ، ولم يأخذوا المال أصلا علم أن مقصودهم القتل لا المال ، والقتل جناية متكاملة في نفسها فيجازى بعقوبة متكاملة ، وهي القتل ، ولما أخذوا المال ، وقتلوا دل أن مقصودهم المال ، وإنما قتلوا ليتمكنوا من أخذ المال ، وأخذ المال لا يتكامل جناية إلا إذا كان المأخوذ نصابا كما في السرقة ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية