بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
ولا يجهر بالقراءة في صلاة الجماعة في كسوف الشمس عند أبي حنيفة ، وعند أبي يوسف يجهر بها ، وقول محمد مضطرب ، ذكر في عامة الروايات قوله مع قول أبي حنيفة ، وجه قول من خالف [ ص: 282 ] أبا حنيفة ما روي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { صلى صلاة الكسوف وجهر فيها بالقراءة } ; لأنها صلاة تقام بجمع عظيم فيجهر بالقراءة فيها كالجمعة والعيدين ولأبي حنيفة حديث سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { قام قياما طويلا لم يسمع له صوت } وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : { صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف وكنت إلى جنبه فلم أسمع منه حرفا } ، وقال صلى الله عليه وسلم { صلاة النهار عجماء } أي ليس فيها قراءة مسموعة ; ولأن القوم لا يقدرون على التأمل في القراءة لتصير ثمرة القراءة مشتركة ; لاشتغال قلوبهم بهذا الفزع ، كما لا يقدرون على التأمل في سائر الأيام في صلوات النهار ; لاشتغال قلوبهم بالمكاسب ، وحديث عائشة تعارض بحديث ابن عباس فبقي لنا الاعتبار الذي ذكرنا مع ظواهر الأحاديث الأخر ، ونحمل ذلك على أنه جهر ببعضها اتفاقا ، كما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمع الآية والآيتين في صلاة الظهر أحيانا والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية