بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( فصل ) :

وأما بيان ما يكره من التطوع ، فالمكروه منه نوعان : نوع يرجع إلى القدر ، ونوع يرجع إلى الوقت .

أما الذي يرجع إلى القدر فأما في النهار فتكره الزيادة على الأربع بتسليمة واحدة ، وفي الليل لا تكره وله أن يصلي ستا وثمانيا ، ذكره في الأصل وذكر في الجامع الصغير في صلاة الليل إن شئت فصل بتكبيرة ركعتين ، وإن شئت أربعا ، وإن شئت ستا ولم يزد عليه ، والأصل في ذلك أن النوافل شرعت تبعا للفرائض والتبع لا يخالف الأصل فلو زيدت على الأربع في النهار لخالفت الفرائض ، وهذا هو القياس في الليل إلا أن الزيادة على الأربع إلى الثمان ، أو إلى الست عرفناه بالنص ، وهو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بالليل خمس ركعات سبع ركعات تسع ركعات إحدى عشرة ركعة ثلاث عشرة ركعة ، والثلاث من كل واحد من هذه الأعداد الوتر ، وركعتان من ثلاثة عشر سنة الفجر فيبقى ركعتان وأربع وست وثمان فيجوز إلى هذا القدر بتسليمة واحدة من غير كراهة .

واختلف المشايخ في الزيادة على الثمان بتسليمة واحدة ، قال بعضهم : يكره ; لأن الزيادة على هذا لم ترو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم ; لا يكره وإليه ذهب الشيخ الإمام الزاهد السرخسي رحمه الله قال : لأن فيه وصل العبادة بالعبادة فلا يكره وهذا يشكل بالزيادة على الأربع في النهار ، والصحيح أنه يكره لما ذكرنا ، وعليه عامة المشايخ .

ولو زاد على الأربع في النهار أو على الثمان في الليل يلزمه لوجود سبب اللزوم وهو الشروع .

التالي السابق


الخدمات العلمية