بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
( فصل ) :

وأما شرائط وجوبه فمنها أن يكون ميتا مات بعد الولادة حتى لو ولد ميتا لم يغسل كذا روي عن أبي حنيفة أنه قال : إذا استهل المولود سمي وغسل وصلي عليه وورث وورث عنه ، وإذا لم يستهل لم يسم ولم يغسل ولم يرث .

وعن محمد أيضا أنه لا يغسل ولا يسمى ولا يصلى عليه ، وهكذا ذكر الكرخي وروي عن أبي يوسف أنه يغسل ويسمى ولا يصلى عليه ، وكذا ذكر الطحاوي وقال محمد : في السقط الذي استبان خلقه : أنه يغسل ويكفن ويحنط ولا يصلى عليه ، فاتفقت الروايات على أنه لا يصلى على من ولد ميتا ، والخلاف في الغسل .

وجه ما اختاره الطحاوي أن المولود ميتا نفس مؤمنة فيغسل وإن كان لا يصلى عليه كالبغاة وقطاع الطريق ، وجه ما ذكره الكرخي ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : إذا استهل المولود غسل وصلي عليه وورث ، وإن لم يستهل لم يغسل ولم يصل عليه ولم يرث } ولأن وجوب الغسل بالشرع وأنه ورد باسم الميت ، ومطلق اسم الميت في العرف لا يقع على من ولد ميتا ولهذا لا يصلى عليه ، وقال الشافعي إن أسقط قبل أربعة أشهر لا يغسل ، ولا يصلى عليه قولا واحدا ، وإن كان لأربعة أشهر من وقت العلوق ، وقد استبان خلقه فله فيه قولان ، والصحيح قولنا لما ذكرنا ، وهذا إذا لم يستهل فأما إذا استهل بأن حصل منه ما يدل على حياته من بكاء أو تحريك عضو ، أو طرف ، أو غير ذلك فإنه يغسل بالإجماع لما روينا ; ولأن الاستهلال دلالة الحياة فكان موته بعد ولادته حيا فيغسل .

التالي السابق


الخدمات العلمية