بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
وأما الحلق فليس بشرط للتحلل ويحل المحصر بالذبح بدون الحلق في قول أبي حنيفة ، ومحمد " وإن حلق فحسن " .

وقال أبو يوسف : " أرى عليه أن يحلق ، فإن لم يفعل فلا شيء عليه " ، وروي عنه أنه قال : " هو واجب لا يسعه تركه " .

وذكر الجصاص وقال : " إنما لا يجب الحلق عندهما إذا أحصر في الحل ; لأن الحلق يختص بالحرم .

فأما إذا أحصر في الحرم : يجب الحلق عندهما " ، احتج أبو يوسف بما روي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق عام الحديبية ، وأمر أصحابه بالحلق } فدل أن الحلق واجب ، ولهما قوله تعالى { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } معناه فإن أحصرتم وأردتم أن تحلوا فاذبحوا ما استيسر من الهدي جعل ذبح الهدي في حق المحصر إذا أراد الحل كل موجب الإحصار فمن أوجب الحلق فقد جعله بعض الموجب ، وهذا خلاف النص ; ولأن الحلق للتحلل عن أفعال الحج ، والمحصر لا يأتي بأفعال الحج فلا حلق عليه .

وأما الحديث فعلى ما ذكره الجصاص : لا حجة فيه ; لأن الحديبية بعضها في الحل وبعضها في الحرم ، فيحتمل أنه أحصر في الحرم فأمر بالحلق ، وأما على جواب المذكور في الأصل فهو : محمول على الندب ، والاستحباب .

التالي السابق


الخدمات العلمية