صفحة جزء
( باب الظاء مع الهاء )

( ظهر ) * في أسماء الله تعالى " الظاهر " هو الذي ظهر فوق كل شيء وعلا عليه . وقيل : هو الذي عرف بطرق الاستدلال العقلي بما ظهر لهم من آثار أفعاله وأوصافه . ( س ) وفيه ذكر " صلاة الظهر " وهو اسم لنصف النهار ، سمي من ظهيرة الشمس ، وهو شدة حرها . وقيل : أضيفت إليه لأنه أظهر أوقات الصلاة للأبصار . وقيل : أظهرها حرا وقيل : لأنها أول صلاة أظهرت وصليت .

وقد تكرر ذكر " الظهيرة " في الحديث وهو شدة الحر نصف النهار . ولا يقال في الشتاء ظهيرة . وأظهرنا إذا دخلنا في وقت الظهر ، كأصبحنا وأمسينا في الصباح والمساء . وتجمع الظهيرة على الظهائر .

* ومنه حديث ابن عمر " أتاه رجل يشكو النقرس فقال : كذبتك الظهائر أي عليك بالمشي في حر الهواجر .

[ ص: 165 ] * وفيه ذكر " الظهار " في غير موضع . يقال : ظاهر الرجل من امرأته ظهارا . وتظهر ، إذا قال لها : أنت علي كظهر أمي . وكان في الجاهلية طلاقا . وقيل : إنهم أرادوا : أنت علي كبطن أمي : أي كجماعها ، فكنوا بالظهر عن البطن للمجاورة . وقيل : إن إتيان المرأة وظهرها إلى السماء كان حراما عندهم . وكان أهل المدينة يقولون : إذا أتيت المرأة ووجهها إلى الأرض جاء الولد أحول ، فلقصد الرجل المطلق منهم إلى التغليظ في تحريم امرأته عليه شبهها بالظهر ، ثم لم يقنع بذلك حتى جعلها كظهر أمه . وإنما عدي الظهار بمن ; لأنهم كانوا إذا ظاهروا المرأة تجنبوها كما يتجنبون المطلقة ويحترزون منها ، فكأن قوله : ظاهر من امرأته أي بعد واحترز منها ، كما قيل : آلى من امرأته ، لما ضمن معنى التباعد عدي بمن .

( هـ ) وفيه ذكر " قريش الظواهر " وهم نزلوا بظهور جبال مكة . والظواهر : أشراف الأرض . وقريش البطاح ، وهم الذين نزلوا بطاح مكة .

( هـ ) ومنه كتاب عمر إلى أبي عبيدة رضي الله عنهما " فاظهر بمن معك من المسلمين إليها " يعني إلى أرض : ذكرها أي اخرج بهم إلى ظاهرها .

( هـ ) وفي حديث عائشة رضي الله عنها كان - صلى الله عليه وسلم - يصلي العصر ولم تظهر الشمس بعد من حجرتها أي لم ترتفع ولم تخرج إلى ظهرها .

( هـ ) ومنه حديث ابن الزبير " لما قيل : يا ابن ذات النطاقين تمثل بقول أبي ذؤيب : وتلك شكاة ظاهر عنك عارها يقال : ظهر عني هذا العيب ، إذا ارتفع عنك ، ولم ينلك منه شيء . أراد أن نطاقها لا يغض منه فيعير به ، ولكنه يرفع منه ويزيده نبلا .

( هـ ) وفيه خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى أي ما كان عفوا قد فضل عن غنى . وقيل : أراد ما فضل عن العيال . والظهر قد يزاد في مثل هذا إشباعا للكلام وتمكينا ، كأن صدقته مستندة إلى ظهر قوي من المال .

[ ص: 166 ] * وفيه من قرأ القرآن فاستظهره أي حفظه . تقول : قرأت القرآن عن ظهر قلبي : أي قرأته من حفظي .

( س ) وفيه " ما نزل من القرآن آية إلا لها ظهر وبطن " قيل : ظهرها : لفظها ، وبطنها : معناها . وقيل : أراد بالظهر ما ظهر تأويله وعرف معناه ، وبالبطن ما بطن تفسيره . وقيل قصصه في الظاهر أخبار ، وفي الباطن عبر وتنبيه وتحذير ، وغير ذلك . قيل : أراد بالظهر التلاوة ، وبالبطن التفهم والتعظيم .

* وفي حديث الخيل " ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها " حق الظهور : أن يحمل عليها منقطعا به أو يجاهد عليها .

* ومنه الحديث الآخر " من حقها إفقار ظهرها " .

( س ) وفي حديث عرفجة " فتناول السيف من الظهر فحذفه به " الظهر : الإبل التي يحمل عليها وتركب . يقال : عند فلان ظهر : أي إبل .

( س ) ومنه الحديث أتأذن لنا في نحر ظهرنا ؟ أي إبلنا التي نركبها ، وتجمع على ظهران ; بالضم .

* ومنه الحديث " فجعل رجال يستأذنونه في ظهرانهم في علو المدينة " وقد تكرر في الحديث .

( س ) وفيه " فأقاموا بين ظهرانيهم وبين أظهرهم " قد تكررت هذه اللفظة في الحديث ، والمراد بها أنهم أقاموا بينهم على سبيل الاستظهار والاستناد إليهم ، وزيدت فيه ألف ونون مفتوحة تأكيدا ، ومعناه أن ظهرا منهم قدامه وظهرا منهم وراءه ، فهو مكنوف من جانبيه ، ومن جوانبه إذا قيل بين أظهرهم ، ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا .

* وفي حديث علي " اتخذتموه وراءكم ظهريا حتى شنت عليكم الغارات " أي جعلتموه وراء ظهوركم ، فهو منسوب إلى الظهر ، وكسر الظاء من تغييرات النسب .

( هـ ) وفيه " فعمد إلى بعير ظهير فأمر به فرحل " يعني شديد الظهر قويا على الرحلة . ( س ) وفيه أنه ظاهر بين درعين يوم أحد أي جمع ولبس إحداهما فوق الأخرى . وكأنه من التظاهر : التعاون والتساعد .

[ ص: 167 ] * ومنه حديث علي " أنه بارز يوم بدر وظاهر " أي نصر وأعان .

* ومنه الحديث " فظهر الذي بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد ، فقنت شهرا بعد الركوع يدعو عليهم " أي غلبوهم . هكذا جاء في رواية . قالوا : والأشبه أن يكون مغيرا ، كما جاء في الرواية الأخرى " فغدروا بهم " .

( س ) وفيه " أنه أمر خراص النخل أن يستظهروا " يحتاطوا ويدعوا لهم قدر ما ينوبهم وينزل بهم من الأضياف وأبناء السبيل . ( هـ ) وفي حديث أبي موسى " أنه كسا في كفارة اليمين ثوبين ظهرانيا ومعقدا " الظهراني : ثوب يجاء به من مر الظهران . وقيل : هو منسوب إلى ظهران : قرية من قرى البحرين . والمعقد : برد من برود هجر .

* وقد تكرر ذكر " مر الظهران " في الحديث . وهو واد بين مكة وعسفان . واسم القرية المضافة إليه : مر ، بفتح الميم وتشديد الراء .

* ومنه حديث النابغة الجعدي " أنشده - صلى الله عليه وسلم - :

بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا

فغضب وقال لي : أين المظهر يا أبا ليلى ؟ قال : إلى الجنة يا رسول الله . قال : أجل إن شاء الله "
المظهر : المصعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية