صفحة جزء
( باب الغين مع الراء )

( غرب ) * فيه إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء ، أي : أنه كان في أول أمره كالغريب الوحيد الذي لا أهل له عنده ، لقلة المسلمين يومئذ ، وسيعود غريبا كما كان : أي يقل المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغرباء . فطوبى للغرباء : أي الجنة لأولئك المسلمين الذين كانوا في أول الإسلام ويكونون في آخره ، وإنما خصهم بها لصبرهم على أذى الكفار أولا وآخرا ، ولزومهم دين الإسلام .

* ومنه الحديث اغتربوا لا تضووا الاغتراب : افتعال من الغربة ، وأراد تزوجوا إلى الغرائب من النساء غير الأقارب ، فإنه أنجب للأولاد .

( س ) ومنه حديث المغيرة " ولا غريبة نجيبة " أي أنها مع كونها غريبة فإنها غير نجيبة الأولاد .

[ ص: 349 ] [ هـ ] ومنه الحديث " إن فيكم مغربين ، قيل : وما المغربون ؟ قال : الذين تشرك فيهم الجن " سموا مغربين لأنه دخل فيهم عرق غريب ، أو جاءوا من نسب بعيد .

وقيل : أراد بمشاركة الجن فيهم أمرهم إياهم بالزنا ، وتحسينه لهم فجاء أولادهم من غير رشدة .

* ومنه قوله تعالى : وشاركهم في الأموال والأولاد .

[ هـ ] ومنه حديث الحجاج " لأضربنكم ضرب غريبة الإبل " هذا مثل ضربه لنفسه مع رعيته يهددهم ، وذلك أن الإبل إذا وردت الماء فدخل فيها غريبة من غيرها ضربت وطردت حتى تخرج منها .

* وفيه أنه أمر بتغريب الزاني سنة التغريب : النفي عن البلد الذي وقعت فيه الجناية . يقال : أغربته وغربته إذا نحيته وأبعدته . والغرب : البعد .

( س ) ومنه الحديث أن رجلا قال له : إن امرأتي لا ترد يد لامس ، فقال : أغربها أي : أبعدها ، يريد الطلاق .

( هـ ) ومنه حديث عمر " قدم عليه رجل فقال له : هل من مغربة خبر ؟ " أي هل من خبر جديد جاء من بلد بعيد . يقال : هل من مغربة خبر ؟ بكسر الراء وفتحها مع الإضافة فيهما ، وهو من الغرب : البعد : وشأو مغرب ومغرب : أي بعيد .

* ومنه الحديث " طارت به عنقاء مغرب " أي ذهبت به الداهية . والمغرب : المبعد في البلاد . وقد تقدم في العين .

[ هـ ] وفي حديث الرؤيا " فأخذ عمر الدلو فاستحالت في يده غربا " الغرب بسكون الراء : الدلو العظيمة التي تتخذ من جلد ثور ، فإذا فتحت الراء فهو الماء السائل بين البئر والحوض .

وهذا تمثيل ، ومعناه أن عمر لما أخذ الدلو ليستقي عظمت في يده ; لأن الفتوح كانت في زمنه أكثر منها في زمن أبي بكر . ومعنى استحالت : انقلبت عن الصغر إلى الكبر .

* ومنه حديث الزكاة وما سقي بالغرب ففيه نصف العشر . [ ص: 350 ] * وفي الحديث الآخر " لو أن غربا من جهنم جعل في الأرض لآذى نتن ريحه وشدة حره ما بين المشرق والمغرب " .

( هـ ) وفي حديث ابن عباس " ذكر الصديق فقال : كان والله برا تقيا يصادى غربه " وفي رواية " يصادى منه غرب " الغرب : الحدة ، ومنه غرب السيف . أي كانت تدارى حدته وتتقى .

( هـ ) ومنه حديث عمر " فسكن من غربه " .

( هـ ) ومنه حديث عائشة " قالت عن زينب : كل خلالها محمود ما خلا سورة من غرب كانت فيها " .

[ هـ ] وحديث الحسن " سئل عن القبلة للصائم فقال : إني أخاف عليك غرب الشباب " أي حدته .

[ هـ ] وفي حديث الزبير " فما زال يفتل في الذروة والغارب حتى أجابته عائشة إلى الخروج " الغارب : مقدم السنام ، والذروة : أعلاه ، أراد أنه ما زال يخادعها ويتلطفها حتى أجابته .

والأصل فيه أن الرجل إذا أراد أن يؤنس البعير الصعب ليزمه وينقاد له جعل يمر يده عليه ويسمح غاربه ويفتل وبره حتى يستأنس ويضع فيه الزمام .

* ومنه حديث عائشة " قالت ليزيد بن الأصم : رمي برسنك على غاربك " أي : خلي سبيلك فليس لك أحد يمنعك عما تريد ، تشبيها بالبعير يوضع زمامه على ظهره ويطلق يسرح أين أراد في المرعى .

* ومنه الحديث في كنايات الطلاق " حبلك على غاربك " أي : أنت مرسلة مطلقة غير مشدودة ولا ممسكة بعقد النكاح .

[ هـ ] وفيه " أن رجلا كان واقفا معه في غزاة فأصابه سهم غرب " أي : لا يعرف راميه . [ ص: 351 ] يقال : سهم غرب بفتح الراء وسكونها ، وبالإضافة ، وغير الإضافة .

وقيل : هو بالسكون إذا أتاه من حيث لا يدري ، وهو بالفتح إذا رماه فأصاب غيره . والهروي لم يثبت عن الأزهري إلا الفتح . وقد تكرر في الحديث .

( هـ ) وفي حديث الحسن " ذكر ابن عباس فقال : كان مثجا يسيل غربا " الغرب : أحد الغروب ، وهي الدموع حين تجري . يقال : بعينه غرب إذا سال دمعها ولم ينقطع ، فشبه به غزارة علمه وأنه لا ينقطع مدده وجريه .

( س ) وفي حديث النابغة " ترف غروبه " هي جمع غرب ، وهو ماء الفم وحدة الأسنان .

[ هـ ] وفي حديث ابن عباس " حين اختصم إليه في مسيل المطر فقال : المطر غرب ، والسيل شرق " ، أراد أن أكثر السحاب ينشأ من غرب القبلة ، والعين هناك : تقول العرب : مطرنا بالعين ، إذا كان السحاب ناشئا من قبلة العراق .

وقوله : " والسيل شرق " يريد أنه ينحط من ناحية المشرق ، لأن ناحية المشرق عالية وناحية المغرب منحطة .

قال ذلك القتيبي . ولعله شيء يختص بتلك الأرض التي كان الخصام فيها .

* وفيه " لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق " قيل : أراد بهم أهل الشام ، لأنهم غرب الحجاز .

وقيل : أراد بالغرب الحدة والشوكة . يريد أهل الجهاد .

وقال ابن المديني : الغرب هاهنا الدلو ، وأراد بهم العرب ; لأنهم أصحابها وهم يستقون بها .

* وفيه " ألا وإن مثل آجالكم في آجال الأمم قبلكم كما بين صلاة العصر إلى مغيربان الشمس " أي : إلى وقت مغيبها . يقال : غربت الشمس تغرب غروبا ومغيربانا ، وهو مصغر على غير مكبره ، كأنهم صغروا مغربانا ، والمغرب في الأصل : موضع الغروب ، ثم استعمل في المصدر والزمان ، وقياسه الفتح ولكن استعمل بالكسر ، كالمشرق والمسجد .

[ ص: 352 ] ( س ) ومنه حديث أبي سعيد " خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مغيربان الشمس " .

( س ) وفيه " أنه ضحك حتى استغرب " أي : بالغ فيه . يقال : أغرب في ضحكه واستغرب ، وكأنه من الغرب : البعد . وقيل : هو القهقهة .

* ومنه حديث الحسن " إذا استغرب الرجل ضحكا في الصلاة أعاد الصلاة " وهو مذهب أبي حنيفة ، ويزيد عليه إعادة الوضوء .

( س ) وفي دعاء ابن هبيرة " أعوذ بك من كل شيطان مستغرب ، وكل نبطي مستعرب " قال الحربي : أظنه الذي جاوز القدر في الخبث ، كأنه من الاستغراب في الضحك . ويجوز أن يكون بمعنى المتناهي في الحدة ، من الغرب : الحدة .

( س ) وفيه " أنه غير اسم غراب " لما فيه من البعد ، ولأنه من خبث الطيور .

( س ) وفي حديث عائشة " لما نزل " وليضربن بخمرهن على جيوبهن " فأصبحن على رءوسهن الغربان " شبهت الخمر في سوادها بالغربان ، جمع غراب ، كما قال الكميت : *

كغربان الكروم الدوالح



التالي السابق


الخدمات العلمية