صفحة جزء
( ولا ) في أسماء الله تعالى " الولي " هو الناصر . وقيل : المتولي لأمور العالم والخلائق ، القائم بها .

ومن أسمائه عز وجل " الوالي " وهو مالك الأشياء جميعها ، المتصرف فيها . وكأن الولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل ، وما لم يجتمع ذلك فيها لم ينطلق عليه اسم الوالي .

( ه ) وفيه " أنه نهى عن بيع الولاء وهبته " يعني ولاء العتق ، وهو إذا مات المعتق ورثه معتقه ، أو ورثه معتقه ، كانت العرب تبيعه وتهبه فنهي عنه ، لأن الولاء كالنسب ، فلا يزول بالإزالة .

* ومنه الحديث " الولاء للكبر " أي الأعلى فالأعلى من ورثة المعتق .

( س ) ومنه الحديث " من تولى قوما بغير إذن مواليه " أي اتخذهم أولياء له . ظاهره [ ص: 228 ] يوهم أنه شرط ، وليس شرطا ، لأنه لا يجوز له إذا أذنوا أن يوالي غيرهم ، وإنما هو بمعنى التوكيد لتحريمه ، والتنبيه على بطلانه ، والإرشاد إلى السبب فيه ، لأنه إذا استأذن أولياءه في موالاة غيرهم منعوه فيمتنع . والمعنى : إن سولت له نفسه ذلك فليستأذنهم ، فإنهم يمنعونه . وقد تكرر في الحديث .

* ومنه حديث الزكاة " مولى القوم منهم " الظاهر من المذاهب والمشهور أن موالي بني هاشم والمطلب لا يحرم عليهم أخذ الزكاة ; لانتفاء النسب الذي به حرم على بني هاشم والمطلب .

وفي مذهب الشافعي على وجه أنه يحرم على الموالي أخذها ، لهذا الحديث .

ووجه الجمع بين الحديث ونفي التحريم أنه إنما قال هذا القول تنزيها لهم ، وبعثا على التشبه بسادتهم والاستنان بسنتهم في اجتناب مال الصدقة التي هي أوساخ الناس .

وقد تكرر ذكر " المولى " في الحديث ، وهو اسم يقع على جماعة كثيرة ، فهو الرب ، والمالك ، والسيد ، والمنعم ، والمعتق ، والناصر ، والمحب ، والتابع ، والجار ، وابن العم ، والحليف ، والعقيد ، والصهر ، والعبد ، والمعتق ، والمنعم عليه . وأكثرها قد جاءت في الحديث ، فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه . وكل من ولي أمرا أو قام به فهو مولاه ووليه . وقد تختلف مصادر هذه الأسماء . فالولاية بالفتح ، في النسب والنصرة والمعتق . والولاية بالكسر ، في الإمارة . والولاء ، المعتق والموالاة من والى القوم .

( ه س ) ومنه الحديث " من كنت مولاه فعلي مولاه " يحمل على أكثر الأسماء المذكورة .

قال الشافعي رضي الله عنه : يعني بذلك ولاء الإسلام ، كقوله تعالى : ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم . وقول عمر لعلي " أصبحت مولى كل مؤمن " أي ولي كل مؤمن .

وقيل : سبب ذلك أن أسامة قال لعلي : لست مولاي ، إنما مولاي رسول الله صلى الله عليه [ ص: 229 ] وسلم ، فقال صلى الله عليه وسلم : " من كنت مولاه فعلي مولاه " .

( ه ) ومنه الحديث أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل وفي رواية " وليها " أي متولي أمرها .

* ومنه الحديث " مزينة وجهينة وأسلم وغفار موالي الله ورسوله " .

* والحديث الآخر " أسألك غناي وغنى مولاي " .

* والحديث الآخر " من أسلم على يده رجل فهو مولاه " أي يرثه كما يرث من أعتقه .

* ومنه الحديث " أنه سئل عن رجل مشرك يسلم على يد رجل من المسلمين فقال : هو أولى الناس بمحياه ومماته " أي أحق به من غيره . ذهب قوم إلى العمل بهذا الحديث ، واشترط آخرون أن يضيف إلى الإسلام على يده المعاقدة والموالاة .

وذهب أكثر الفقهاء إلى خلاف ذلك ، وجعلوا هذا الحديث بمعنى البر والصلة ورعي الذمام ومنهم من ضعف الحديث .

( ه ) ومنه الحديث " ألحقوا المال بالفرائض ، فما أبقت السهام فلأولى رجل ذكر " أي أدنى وأقرب في النسب إلى الموروث .

* ومنه حديث أنس " قام عبد الله بن حذافة فقال : من أبي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبوك حذافة ، وسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : أولى لكم والذي نفسي بيده " أي قرب منكم ما تكرهون ، وهي كلمة تلهف ، يقولها الرجل إذا أفلت من عظيمة .

وقيل : هي كلمة تهدد ووعيد . قال الأصمعي : معناه : قاربه ما يهلكه .

( س ) ومنه حديث ابن الحنفية " كان إذا مات بعض ولده قال : أولى لي ، كدت أن أكون السواد المخترم " شبه كاد بعسى ، فأدخل في خبرها " أن " .

* وفي حديث عمر " لا يعطى من المغانم شيء حتى تقسم ، إلا لراع أو دليل غير موليه ، قلت : ما موليه ؟ قال : محابيه " أي غير معطيه شيئا لا يستحقه ، وكل من أعطيته ابتداء من غير مكافأة فقد أوليته .

[ ص: 230 ] * وفي حديث عمار " قال له عمر في شأن التيمم : كلا ، والله لنولينك ما توليت " أي نكل إليك ما قلت ، ونرد إليك ما وليته نفسك ، ورضيت لها به .

( ه ) وفيه " أنه سئل عن الإبل ، فقال : أعنان الشياطين ، لا تقبل إلا مولية ، ولا تدبر إلا مولية ، ولا يأتي نفعها إلا من جانبها الأشأم " أي إن من شأنها إذا أقبلت على صاحبها أن يتعقب إقبالها الإدبار ، وإذا أدبرت أن يكون إدبارها ذهابا وفناء مستأصلا . وقد ولى الشيء وتولى ، إذا ذهب هاربا ومدبرا ، وتولى عنه ، إذا أعرض .

( ه ) وفيه " أنه نهى أن يجلس الرجل على الولايا " هي البراذع . سميت بذلك لأنها تلي ظهر الدابة . قيل : نهى عنها ، لأنها إذا بسطت وافترشت تعلق بها الشوك والتراب وغير ذلك مما يضر الدواب ، ولأن الجالس عليها ربما أصابه من وسخها ونتنها ودم عقرها .

( ه ) ومنه حديث ابن الزبير " أنه بات بقفر ، فلما قام ليرحل وجد رجلا طوله شبران ، عظيم اللحية على الولية ، فنفضها فوقع " .

( س ) وفي حديث مطرف الباهلي " تسقيه الأولية " هي جمع ولي ، وهو المطر الذي يجيء بعد الوسمي ، سمي به ، لأنه يليه : أي يقرب منه ويجيء بعده .

التالي السابق


الخدمات العلمية