صفحة جزء
[ ذبب ]

ذبب : الذب : الدفع والمنع . والذب : الطرد . وذب عنه يذب ذبا : دفع ومنع ، وذببت عنه . وفلان يذب عن حريمه ذبا أي يدفع عنهم ، وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : إنما النساء لحم على وضم ، إلا ما ذب عنه ، قال :


من ذب منكم ذب عن حميمه أو فر منكم فر عن حريمه



وذبب : أكثر الذب . ويقال : طعان غير تذبيب إذا بولغ فيه .

ورجل مذب وذباب : دفاع عن الحريم . وذبذب الرجل إذا منع الجوار والأهل أي حماهم .

والذبي : الجلواز . وذب يذب ذبا اختلف ولم يستقم في مكان واحد . وبعير ذب : لا يتقار في موضع ؛ قال :


فكأننا فيهم جمال ذبة     أدم طلاهن الكحيل وقار



فقوله ذبة ، بالهاء يدل على أنه لم يسم بالمصدر إذ لو كان مصدرا لقال جمال ذب ، كقولك رجال عدل . والذب : الثور الوحشي ، ويقال له أيضا : ذب الرياد غير مهموز ، وسمي بذلك ؛ لأنه يختلف ولا يستقر في مكان واحد ، وقيل : لأنه يرود فيذهب ويجيء ؛ قال ابن مقبل :


يمشي بها ذب الرياد كأنه     فتى فارسي في سراويل رامح



وقال النابغة :


كأنما الرحل منها فوق ذي جدد     ذب الرياد إلى الأشباح نظار



وقال أبو سعيد : إنما قيل له ذب الرياد ؛ لأن رياده أتانه التي ترود معه ، وإن شئت جعلت الرياد رعيه نفسه للكلأ . وقال غيره : قيل له ذب الرياد لأنه لا يثبت في رعيه في مكان واحد ، ولا يوطن مرعى واحدا . وسمى مزاحم العقيلي الثور الوحشي الأذب ؛ قال :


بلادا بها تلقى الأذب كأنه     بها سابري لاح منه البنائق



أراد : تلقى الذب ، فقال الأذب لحاجته . وفلان ذب الرياد : يذهب ويجيء ، هذه عن كراع . أبو عمرو : رجل ذب الرياد إذا كان زوارا للنساء وأنشد لبعض الشعراء فيه :


ما للكواعب يا عيساء قد جعلت     تزور عني وتثنى دوني الحجر
قد كنت فتاح أبواب مغلقة     ذب الرياد إذا ما خولس النظر



[ ص: 16 ] وذبت شفته تذب ذبا وذببا وذبوبا ، وذببت : يبست وجفت وذبلت من شدة العطش أو لغيره . وشفة ذبانة : ذابلة ، وذب لسانه كذلك ؛ قال :


هم سقوني عللا بعد نهل     من بعد ما ذب اللسان وذبل



وقال أبو خيرة يصف عيرا :


وشفه طرد العانات فهو به     لوحان من ظمأ ذب ومن عضب



أراد بالظمأ الذب : اليابس . وذب جسمه : ذبل وهزل . وذب النبت : ذوى . وذب الغدير ، يذب : جف في آخر الجزء ، عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


مدارين إن جاعوا وأذعر من مشى     إذا الروضة الخضراء ذب غديرها



يروى : وأدعر من مشى . وذب الرجل يذب ذبا إذا شحب لونه . وذب : جف . وصدرت الإبل وبها ذبابة أي بقية عطش . وذبابة الدين : بقيته . وقيل : ذبابة كل شيء بقيته . والذبابة : البقية من الدين ونحوه ، قال الراجز :


أو يقضي الله ذبابات الدين

أبو زيد : الذبابة بقية الشيء وأنشد الأصمعي ؛ لذي الرمة :


لحقنا فراجعنا الحمول وإنما     يتلي ذبابات الوداع المراجع



يقول : إنما يدرك بقايا الحوائج من راجع فيها . والذبابة أيضا : البقية من مياه الأنهار . وذبب النهار إذا لم يبق منه إلا بقية ، وقال :


وانجاب النهار فذببا

والذباب : الطاعون . والذباب : الجنون . وقد ذب الرجل إذا جن ؛ وأنشد شمر :


وفي النصري أحيانا سماح     وفي النصري أحيانا ذباب



أي : جنون . والذباب الأسود الذي يكون في البيوت ، يسقط في الإناء والطعام ، والواحدة ذبابة ، ولا تقل : ذبانة . والذباب أيضا : النحل ، ولا يقال ذبابة في شيء من ذلك ، إلا أن أبا عبيدة روى عن الأحمر ذبابة ؛ هكذا وقع في كتاب المصنف ، رواية أبي علي ؛ وأما في رواية علي بن حمزة ، فحكى عن الكسائي : الشذاة ذبابة بعض الإبل ؛ وحكي عن الأحمر أيضا : النعرة ذبابة تسقط على الدواب ، وأثبت الهاء فيهما ، والصواب ذباب ، هو واحد . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : كتب إلى عامله بالطائف في خلايا العسل وحمايتها : إن أدى ما كان يؤديه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عشور نحله ، فاحم له ، فإنما هو ذباب غيث ، يأكله من شاء .

قال ابن الأثير : يريد بالذباب النحل ، وأضافه إلى الغيث على معنى أنه يكون مع المطر حيث كان ، ولأنه يعيش بأكل ما ينبته الغيث ؛ ومعنى حماية الوادي له : أن النحل إنما يرعى أنوار النبات وما رخص منها ونعم ، فإذا حميت مراعيها ، أقامت فيها ورعت وعسلت ، فكثرت منافع أصحابها ؛ وإذا لم تحم مراعيها ، احتاجت أن تبعد في طلب المرعى ، فيكون رعيها أقل ؛ وقيل : معناه أن يحمى لهم الوادي الذي يعسل فيه ، فلا يترك أحد يعرض للعسل ؛ لأن سبيل العسل المباح سبيل المياه والمعادن والصيود ، وإنما يملكه من سبق إليه ، فإذا حماه ومنع الناس منه ، وانفرد به وجب عليه إخراج العشر منه ، عند من أوجب فيه الزكاة . التهذيب : واحد الذبان ذباب ، بغير هاء . قال : ولا يقال ذبابة . وفي التنزيل العزيز : وإن يسلبهم الذباب شيئا فسروه للواحد ، والجمع أذبة في القلة ، مثل غراب وأغربة ؛ قال النابغة :


ضرابة بالمشفر الأذبه

وذبان مثل غربان ، سيبويه ، ولم يقتصروا به على أدنى العدد ؛ لأنهم أمنوا التضعيف ، يعني أن فعالا لا يكسر في أدنى العدد على فعلان ، ولو كان مما يدفع به البناء إلى التضعيف ، لم يكسر على ذلك البناء ، كما أن فعالا ونحوه ، لما كان تكسيره على فعل يفضي به إلى التضعيف ، كسروه على أفعلة ؛ وقد حكى سيبويه ، مع ذلك ، عن العرب : ذب ، في جمع ذباب ، فهو مع هذا الإدغام على اللغة التميمية ، كما يرجعون إليها ، فيما كان ثانيه واوا ، نحو خون ونور .

وفي الحديث : عمر الذباب أربعون يوما ، والذباب في النار ؛ قيل : كونه في النار ليس لعذاب له ، وإنما ليعذب به أهل النار بوقوعه عليهم ، والعرب تكنو الأبخر : أبا ذباب ، وبعضهم يكنيه : أبا ذبان ، وقد غلب ذلك على عبد الملك بن مروان لفساد كان في فمه ؛ قال الشاعر :


لعلي إن مالت بي الريح ميلة     على ابن أبي الذبان أن يتندما



يعني هشام بن عبد الملك . وذب الذباب وذببه : نحاه . ورجل مخشي الذباب أي الجهل .

وأصاب فلانا من فلان ذباب لادغ أي شر . وأرض مذبة : كثيرة الذباب . وقال الفراء : أرض مذبوبة ، كما يقال : موحوشة من الوحش .

وبعير مذبوب : أصابه الذباب ، وأذب كذلك ، قاله أبو عبيد في كتاب أمراض الإبل ؛ وقيل : الأذب والمذبوب جميعا : الذي إذا وقع في الريف ، والريف لا يكون إلا في المصادر ، استوبأه ، فمات مكانه ، قال زياد الأعجم في ابن حبناء :


كأنك من جمال بني تميم     أذب أصاب من ريف ذبابا



يقول : كأنك جمل نزل ريفا ، فأصابه الذباب ، فالتوت عنقه ، فمات . والمذبة : هنة تسوى من هلب الفرس ، يذب بها الذباب ؛ وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا طويل الشعر ، فقال : ذباب ، الذباب الشؤم ، أي : هذا شؤم . ورجل ذبابي : مأخوذ من الذباب ، وهو الشؤم . وقيل : الذباب الشر الدائم يقال : أصابك ذباب من هذا الأمر . وفي حديث المغيرة : شرها ذباب . وذباب العين : إنسانها ، على التشبيه بالذباب . والذباب : نكتة سوداء في جوف حدقة الفرس ، والجمع كالجمع . وذباب أسنان الإبل : حدها ؛ قال [ ص: 17 ] المثقب العبدي :


وتسمع للذباب إذا تغنى     كتغريد الحمام على الغصون



وذباب السيف : حد طرفه الذي بين شفرتيه ؛ وما حوله من حديه : ظبتاه ؛ والعير : الناتئ في وسطه ، من باطن وظاهر ؛ وله غراران ، لكل واحد منهما ، ما بين العير وبين إحدى الظبتين من ظاهر السيف وما قبالة ذلك من باطن ، وكل واحد من الغرارين من باطن السيف وظاهره ؛ وقيل : ذباب السيف طرفه المتطرف الذي يضرب به ، وقيل : حده .

وفي الحديث : رأيت ذباب سيفي كسر ، فأولته أنه يصاب رجل من أهل بيتي ، فقتل حمزة . والذباب من أذن الإنسان والفرس : ما حد من طرفها .

أبو عبيد : في أذني الفرس ذباباهما ، وهما ما حد من أطراف الأذنين . وذباب الحناء : بادرة نوره . وجاءنا راكب مذبب : عجل منفرد ؛ قال عنترة :


يذبب ورد على إثره     وأدركه وقع مردى خشب



إما أن يكون على النسب ، وإما أن يكون أراد خشيبا ، فحذف للضرورة . وذببنا ليلتنا أي أتعبنا في السير . ولا ينالون الماء إلا بقرب مذبب أي مسرع ؛ قال ذو الرمة :


مذببة أضر بها بكوري     وتهجيري إذا اليعفور قالا



اليعفور : الظبي . وقال من القيلولة ، أي : سكن في كناسه من شدة الحر . وظمء مذبب : طويل يسار فيه إلى الماء من بعد ، فيعجل بالسير . وخمس مذبب : لا فتور فيه . وذبب : أسرع في السير ؛ وقوله :


مسيرة شهر للبعير المذبذب

أراد المذبب . وأذب البعير : نابه ؛ قال الراجز :


كأن صوت نابه الأذب     صريف خطاف بقعو قب



والذبذبة : تردد الشيء المعلق في الهواء . والذبذبة والذباذب : أشياء تعلق بالهودج أو رأس البعير للزينة ، والواحد ذبذب . والذبذب : اللسان ، وقيل : الذكر . وفي الحديث : من وقي شر ذبذبه وقبقبه ، فقد وقي . فذبذبه فرجه ، وقبقبه بطنه . وفي رواية : من وقي شر ذبذبه دخل الجنة ؛ يعني الذكر سمي به لتذبذبه أي حركته . والذباذب : المذاكير . والذباذب : ذكر الرجل ؛ لأنه يتذبذب أي يتردد ؛ وقيل : الذباذب الخصى واحدتها ذبذبة . ورجل مذبذب ومتذبذب : متردد بين أمرين أو بين رجلين ، ولا تثبت صحبته لواحد منهما . وفي التنزيل العزيز في صفة المنافقين : مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء . المعنى : مطردين مدفعين عن هؤلاء وعن هؤلاء .

وفي الحديث : تزوج ، وإلا فأنت من المذبذبين أي المطرودين عن المؤمنين لأنك لم تقتد بهم ، وعن الرهبان لأنك تركت طريقتهم ، وأصله من الذب ، وهو الطرد . قال ابن الأثير : ويجوز أن يكون من الحركة والاضطراب .

والتذبذب : التحرك . والذبذبة : نوس الشيء المعلق في الهواء . وتذبذب الشيء : ناس واضطرب ، وذبذبه هو ، أنشد ثعلب :


وحوقل ذبذبه الوجيف     ظل لأعلى رأسه رجيف



وفي الحديث : فكأني أنظر إلى يديه تذبذبان أي : تتحركان وتضطربان ، يريد كميه . وفي حديث جابر : كان علي بردة لها ذباذب أي أهداب

وأطراف ، واحدها ذبذب بالكسر ؛ سميت بذلك لأنها تتحرك على لابسها إذا مشى ؛ وقول أبي ذؤيب :


ومثل السدوسيين سادا وذبذبا     رجال الحجاز من مسود وسائد



قيل : ذبذبا : علقا . يقول : تقطع دونهما رجال الحجاز . وفي الطعام ذبيباء ، ممدود ، حكاه أبو حنيفة في باب الطعام الذي فيه ما لا خير فيه ، ولم يفسره ؛ وقد قيل : إنها الذنيناء ، وستذكر في موضعها .

وفي الحديث : أنه صلب رجلا على ذباب ، هو جبل بالمدينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية