صفحة جزء
[ ذلل ]

ذلل : الذل : نقيض العز ، ذل يذل ذلا وذلة وذلالة ومذلة ، فهو ذليل بين الذل والمذلة من قوم أذلاء وأذلة وذلال ؛ قال عمرو بن قميئة :


وشاعر قوم أولي بغضة قمعت فصاروا لئاما ذلالا



وأذله هو وأذل الرجل : صار أصحابه أذلاء . وأذله : وجده ذليلا . واستذلوه : رأوه ذليلا ، ويجمع الذليل من الناس أذلة وذلانا . والذل : الخسة ، وأذله واستذله ، كله بمعنى واحد . وتذلل له ، أي : خضع . وفي أسماء الله تعالى : المذل ؛ هو الذي يلحق الذل بمن يشاء من عباده وينفي عنه أنواع العز جميعها . واستذل البعير الصعب : نزع القراد عنه ليستلذ فيأنس به ويذل ؛ وإياه عنى الحطيئة بقوله :


لعمرك ما قراد بني قريع [ ص: 41 ]     إذا نزع القراد بمستطاع



وقوله أنشده ابن الأعرابي :


ليهنئ تراثي لامرئ غير ذلة     صنابر أحدان لهن حفيف



أراد غير ذليل أو غير ذي ذلة ، ورفع صنابر على البدل من تراث . وفي التنزيل العزيز : سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا قيل : الذلة ما أمروا به من قتل أنفسهم ؛ وقيل : الذلة أخذ الجزية ؛ قال الزجاج : الجزية لم تقع في الذين عبدوا العجل ؛ لأن الله تعالى تاب عليهم بقتل أنفسهم . وذل ذليل : إما أن يكون على المبالغة ، وإما أن يكون في معنى مذل ؛ أنشد سيبويه لكعب بن مالك :


لقد لقيت قريظة ما ساءها     وحل بدارهم ذل ذليل



والذل بالكسر : اللين وهو ضد الصعوبة . والذل والذل : ضد الصعوبة . ذل يذل ذلا وذلا ، فهو ذلول ، يكون في الإنسان والدابة ؛ وأنشد ثعلب :


وما يك من عسرى ويسرى فإنني     ذلول بحاج المعتفين أريب



علق ذلولا بالباء ؛ لأنه في معنى رفيق ورءوف ، والجمع ذلل وأذلة . ودابة ذلول ، الذكر والأنثى في ذلك سواء ، وقد ذلله . الكسائي : فرس ذلول بين الذل ، ورجل ذليل بين الذلة والذل ، ودابة ذلول بينة الذل من دواب ذلل .

وفي حديث ابن الزبير : بعض الذل أبقى للأهل والمال ؛ معناه أن الرجل إذا أصابته خطة ضيم يناله فيها ذل فصبر عليها كان أبقى له ولأهله وماله ، فإذا لم يصبر ومر فيها طالبا للعز غرر بنفسه وأهله وماله ، وربما كان ذلك سببا لهلاكه . وعير المذلة : الوتد ؛ لأنه يشج رأسه ؛ وقوله :


ساقيته كأس الردى بأسنة     ذلل مؤللة الشفار حداد



إنما أراد مذللة بالإحداد ، أي : قد أدقت وأرقت ؛ وقوله أنشده ثعلب :


وذل أعلى الحوض من لطامها

أراد أن أعلاه تثلم وتهدم فكأنه ذل وقل .

وفي الحديث : اللهم اسقنا ذلل السحاب . هو الذي لا رعد فيه ولا برق ، وهو جمع ذلول من الذل - بالكسر - ضد الصعب ؛ ومنه حديث ذي القرنين : أنه خير في ركوبه بين ذلل السحاب وصعابه فاختار ذلله . والذل والذل : الرفق والرحمة . وفي التنزيل العزيز : واخفض لهما جناح الذل من الرحمة . وفي التنزيل العزيز في صفة المؤمنين : أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين قال ابن الأعرابي فيما روى عنه أبو العباس : معنى قوله - عز وجل - أذلة على المؤمنين رحماء رفقاء على المؤمنين ، أعزة على الكافرين ، غلاظ شداد على الكافرين ؛ وقال الزجاج : معنى أذلة على المؤمنين ، أي : جانبهم لين على المؤمنين ليس أنهم أذلاء مهانون ، وقوله أعزة على الكافرين أي : جانبهم غليظ على الكافرين . وقوله - عز وجل - : وذللت قطوفها تذليلا أي : سويت عناقيدها ودليت ، وقيل : هذا كقوله - عز وجل - : قطوفها دانية كلما أرادوا أن يقطفوا شيئا منها ذلل ذلك لهم فدنا منهم قعودا كانوا أم مضطجعين أو قياما ، قال أبو منصور : وتذليل العذوق ، في الدنيا أنها إذا انشقت عنها كوافيرها التي تغطيها يعمد الآبر إليها فيسمحها وييسرها حتى يذللها خارجة من بين ظهران الجريد والسلاء ، فيسهل قطافها عند ينعها ؛ وقال الأصمعي في قول امرئ القيس :


وكشح لطيف كالجديل مخصر     وساق كأنبوب السقي المذلل



قال : أراد ساقا كأنبوب بردي بين هذا النخل المذلل ، قال : وإذا كان أيام الثمرة ؛ ألح الناس على النخل بالسقي فهو حينئذ سقي ، قال : وذلك أنعم للنخيل وأجود للثمرة . وقال أبو عبيدة : السقي الذي يسقيه الماء من غير أن يتكلف له السقي . قال شمر : وسألت ابن الأعرابي عن المذلل ، فقال : ذلل طريق الماء إليه ، قال أبو منصور : وقيل : أراد بالسقي العنقر ، وهو أصل البردي الرخص الأبيض ، وهو كأصل القصب ؛ وقال العجاج :


على خبندى قصب ممكور     كعنقرات الحائر المسكور



وطريق مذلل إذا كان موطوءا سهلا . وذل الطريق : ما وطئ منه وسهل . وطريق ذليل من طرق ذلل ، وقوله تعالى : فاسلكي سبل ربك ذللا فسره ثعلب فقال : يكون الطريق ذليلا وتكون هي ذليلة ؛ وقال الفراء : " ذللا " نعت السبل ، يقال : سبيل ذلول وسبل ذلل ، ويقال : إن الذلل من صفات النحل ، أي : ذللت ليخرج الشراب من بطونها . وذلل الكرم : دليت عناقيده . قال أبو حنيفة : التدليل تسوية عناقيد الكرم وتدليتها ، والتذليل أيضا أن يوضع العذق على الجريدة لتحمله ؛ قال امرؤ القيس :


وساق كأنبوب السقي المذلل

وفي الحديث : كم من عذق مذلل لأبي الدحداح ؛ تذليل العذوق تقدم شرحه ، وإن كانت العين مفتوحة فهي النخلة ، وتذليلها تسهيل اجتناء ثمرتها وإدناؤها من قاطفها ، وفي الحديث : تتركون المدينة على خير ما كانت عليه مذللة لا يغشاها إلا العوافي ، أي : ثمارها دانية سهلة التناول مخلاة غير محمية ولا ممنوعة على أحسن أحوالها ، وقيل : أراد أن المدينة تكون مخلاة ، أي : خالية من السكان لا يغشاها إلا الوحوش . وأمور الله جارية على أذلالها ، وجارية أذلالها ، أي : مجاريها وطرقها ، واحدها ذل ؛ قالت الخنساء :


لتجر المنية بعد الفتى ال     مغادر بالمحو أذلالها



أي : لتجر على أذلالها فلست آسى على شيء بعده .

قال ابن بري : الأذلال المسالك . ودعه على أذلاله ، أي : على حاله ، لا واحد له . ويقال : أجر الأمور على أذلالها ، أي : على أحوالها التي تصلح عليها وتسهل وتتيسر . الجوهري : وقولهم جاء على أذلاله ، أي : على وجهه .

وفي حديث عبد الله : ما من شيء من كتاب الله إلا وقد جاء على أذلاله [ ص: 42 ] ، أي : على وجوهه وطرقه ؛ قال ابن الأثير : هو جمع ذل ، بالكسر . يقال : ركبوا ذل الطريق وهو ما مهد منه وذلل . وفي خطبة زياد : إذا رأيتموني أنفذ فيكم الأمر فأنفذوه على أذلاله . ويقال : حائط ذليل ، أي : قصير . وبيت ذليل إذا كان قريب السمك من الأرض . ورمح ذليل ، أي : قصير . وذلت القوافي للشاعر إذا سهلت . وذلاذل القميص : ما يلي الأرض من أسافله ، الواحد ذلذل ، مثل قمقم وقماقم ؛ قال الزفيان ينعت ضرغامة :


إن لنا ضرغامة جنادلا     مشمرا قد رفع الذلاذلا
وكان يوما قمطريرا باسلا



وفي حديث أبي ذر : يخرج من ثديه يتذلذل ، أي : يضطرب من ذلاذل الثوب وهي أسافله ، وأكثر الروايات يتزلزل ، بالزاي . والذلذل والذلذل والذلذلة والذلذل والذلذلة ، كله : أسافل القميص الطويل إذا ناس فأخلق . والذلذل : مقصور عن الذلاذل الذي هو جمع ذلك كله ، وهي الذناذن ، واحدها ذنذن .

التالي السابق


الخدمات العلمية