صفحة جزء
( دوم ) الدال والواو والميم أصل واحد يدل على السكون واللزوم . يقال دام الشيء يدوم ، إذا سكن . والماء الدائم : الساكن . ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبال في الماء الدائم ، ثم يتوضأ منه . والدليل على صحة هذا التأويل أنه روي بلفظة أخرى ، وهو أنه نهى أن يبال في الماء القائم . ويقال أدمت القدر إدامة ، إذا سكنت غليانها بالماء . قال الجعدي :


تفور علينا قدرهم فنديمها ونفثؤها عنا إذا حميها غلا

ومن المحمول على هذا وقياسه قياسه ، تدويم الطائر في الهواء; وذلك إذا حلق وكانت له عندها كالوقفة . ومن ذلك قولهم : دومت الشمس في كبد السماء ، وذلك إذا بلغت ذلك الموضع . ويقول أهل العلم بها : إن لها ثم كالوقفة ، ثم تدلك . قال ذو الرمة :


والشمس حيرى لها في الجو تدويم

أي كأنها لا تمضي . وأما قوله يصف الكلاب :


حتى إذا دومت في الأرض راجعه     كبر ولو شاء نجى نفسه الهرب

فيقال إنه أخطأ ، وإنما أراد دوت ، فقال دومت ، وقد ذكر هذا في بابه . ويقال : [ ص: 316 ] دومت الزعفران : دفته; وهو القياس لأنه يسكن فيما يداف فيه . واستدمت الأمر ، إذا رفقت به . وكذا يقولون . والمعنى أنه إذا رفق به ولم يعنف ولم يعجل دام له . قال :


فلا تعجل بأمرك واستدمه     فما صلى عصاك كمستديم

وأما قوله :


وقد يدوم ريق الطامع الأمل

فيقولون : يدوم يبل ، وليس هذا بشيء ، إنما يدوم يبقي; وذلك أن اليائس يجف ريقه . والديمة : مطر يدوم يوما وليلة أو أكثر .

ومن الباب أن عائشة [ رضي الله عنها ] سئلت عن عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقالت : " كان عمله ديمة " ، أي دائما . والمعنى أنه كان يدوم عليه ، سواء قلل ، أو كثر ، ولكنه كان لا يخل . تعني بذلك في عبادته صلى الله عليه وسلم . فأما قولهم دومته الخمر ، فهو من ذاك; لأنها تخثره حتى تسكن حركاته . والدأماء : البحر ، ولعله أن يكون من الباب; لأنه ماء مقيم لا ينزح ولا يبرح . قال :


والليل كالدأماء مستشعر     من دونه لونا كلون السدوس

[ ص: 317 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية