صفحة جزء
( عرج ) العين والراء والجيم ثلاثة أصول : الأول يدل على ميل وميل ، والآخر على عدد ، والآخر على سمو وارتقاء .

فالأول : العرج مصدر الأعرج ، ويقال منه : عرج يعرج عرجا ، إذا صار أعرج . وقالوا : عرج يعرج خلقة ، وعرج يعرج إذا مشى مشية العرجان . والعرجاء : الضبع ، وذلك خلقة فيها ، فلذلك سميت العرجاء ، والجمع عرج . وجمع الأعرج من الناس العرجان . ويقال للغراب أعرج ، لأنه إذا مشى حجل .

ومن هذا الباب التعرج ، وهو حبس المطايا في مناخ أو موقف يميلها إليه . قال ذو الرمة :


يا جارتي بنت فضاض أما لكما حتى نكلمها هم بتعريج



و قال ابن الأعرابي : عرجت عليه ، أي حبست مطيتي عليه . ومالي عليه [ ص: 303 ] عرجة ولا معرجة . ويقال للطريق إذا مال : انعرج . وانعرج الوادي . ومنعرجه : حيث يميل يمنة ويسرة . وانعرج القوم عن الطريق ، إذا مالوا عنه . ويقولون : إن العريجاء : الهاجرة . وإن صح هذا فلأن كل شيء ينعرج إلى مكان يقيه الحر . قال :


لكن سهية تدري أنني ذكر     على عريجاء لما ابتلت الأزر



وكان الأصمعي يقول : أن ترد الإبل يوما غدوة ويوما عشية . وقد عرجنا من العريجاء . والعرجاء : هضبة معروفة . قال أبو ذؤيب :


فكأنها بالجزع جزع نبايع     وأولات ذي العرجاء نهب مجمع



ويقال إنما سميت العرجاء لأن الطريق يتعرج بها . ويقال : أمر عريج ، إذا لم يستقم ، هو معوج بعد .

والأصل الآخر من الإبل ، قال قوم : ثمانون إلى تسعين ، فإذا بلغت المائة فهي هنيدة ، والجمع عروج وأعراج . قال طرفة :


يوم تبدي البيض عن أسوقها     وتلف الخيل أعراج النعم



[ ص: 304 ] ويقال : العرج مائة وخمسون . وهذا الأصل قد يمكن ضمه إلى الأول ، لأن صاحب ذلك يعرج عليه ويكتفي به .

والأصل الثالث : العروج : الارتقاء . يقال عرج يعرج عروجا ومعرجا . والمعرج : المصعد . قال الله - تعالى - : تعرج الملائكة والروح إليه . فأما قول القائل :


حتى إذا ما الشمس همت بعرج



فقالوا : أراد غيبوبة الشمس . وهذا وإن كان صحيحا فهو غير ملخص في التفسير ، وإنما المعنى أنها لما غابت فكأنها عرجت إلى السماء ، أي صعدت . ومما يؤيد هذا قول الآخر :


وعرج الليل بروج الشمس



فهذا هو القياس الصحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية