صفحة جزء
( غير ) الغين والياء والراء أصلان صحيحان ، يدل أحدهما على صلاح وإصلاح ومنفعة ، والآخر على اختلاف شيئين .

[ ص: 404 ] فالأول الغيرة ، وهي الميرة بها صلاح العيال . يقال : غرت أهلي غيرة وغيارا ، أي مرتهم . وغارهم الله - تعالى - بالغيث يغيرهم ويغورهم ، أي أصلح شأنهم ونفعهم . ويقال : ما يغيرك كذا ، أي ما ينفعك . قال :


ماذا يغير ابنتي ربع عويلهما لا ترقدان ولا بؤسى لمن رقدا



ومن هذا الباب الغيرة : غيرة الرجل على أهله . تقول : غرت على أهلي غيرة . وهذا عندنا من الباب ; لأنها صلاح ومنفعة .

والأصل الآخر : قولنا : هذا الشيء غير ذاك ، أي هو سواه وخلافه . ومن الباب : الاستثناء بغير ، تقول : عشرة غير واحد ، ليس هو من العشرة . ومنه قوله - تعالى : صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين .

فأما الدية فإنها تسمى الغير . قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لرجل طلب القود بولي له قتل : ألا الغير يريد : ألا تقبل الغير . فهذا محتمل أن يكون من الأول ، لأن في الدية صلاحا للقاتل وبقاء له ولدمه . ويحتمل أن يكون من الأصل الثاني ، لأنه قود فغير إلى الدية ، أي أخذ غير القود ، أي سواه . قال في الغير :

[ ص: 405 ]

لنجدعن بأيدينا أنوفكم     بني أميمة إن لم تقبلوا الغيرا



التالي السابق


الخدمات العلمية