صفحة جزء
ذكر عدة حوادث

في هذه السنة أراد الواثق الحج ، فوجه عمر بن فرج لإصلاح الطريق ، فرجع وأخبره بقلة الماء ، فبدا له .

وفيها ولي جعفر بن دينار اليمن ، فسار في شعبان ، وحج في طريقه ، وكان معه أربعة آلاف فارس وألف راجل .

وفيها نقب اللصوص بيت المال الذي في دار العامة ، وأخذوا اثنين وأربعين ألف [ ص: 100 ] درهم وشيئا يسيرا من الدنانير ، ثم تتبعوا وأخذوا بعد ذلك .

وفيها خرج محمد بن عبد الله الخارجي الثعلبي في ثلاثة عشر رجلا في ديار ربيعة ، فخرج إليه غانم بن أبي مسلم بن حميد الطوسي ، وكان على حرب الموصل ، في مثل عدته ، فقتل من الخوارج أربعة ، وأخذ محمد بن عبد الله أسيرا ، فبعث به إلى سامرا فحبس .

وفيها قدم وصيف التركي من ناحية أصبهان ، والجبال ، وفارس ، وكان قد سار في طلب الأكراد لأنهم كانوا قد أفسدوا بهذه النواحي ، وقدم معه بنحو من خمس مائة نفس فيهم غلمان صغار ، فحبسوا ، وأجيز وصيف بخمسة وسبعين ألف دينار وقلد سيفا .

( وفيها سار جيش للمسلمين إلى بلاد المشركين ، فقصدوا جليقية ، وقتلوا ، وأسروا ، وسبوا ، وغنموا ، ووصلوا إلى مدينة ليون ، فحصروها ، ورموها بالمجانيق ، فخاف أهلها ، فتركوها بما فيها ، وخرجوا هاربين ، فغنم المسلمون منهم ما أرادوا ، وخربوا الباقي ، ولم يقدروا على هدم سورها ، فتركوها ومضوا ، لأن عرضه سبع عشرة ذراعا ، وقد ثلموا فيه ثلما كثيرة ) .

وفيها كان الفداء بين المسلمين والروم ، واجتمع المسلمون فيها على نهر اللامس ، على مسيرة يوم من طرسوس ، واشترى الواثق من ببغداذ وغيرها من الروم .

وعقد الواثق لأحمد بن سعيد بن سلم بن قتيبة الباهلي على الثغور والعواصم ، وأمره بحضور الفداء هو وخاقان الخادم ، وأمرهما أن يمتحنا أسرى المسلمين ، فمن [ ص: 101 ] قال : القرآن مخلوق ، وإن الله لا يرى في الآخرة ، فودي به ، وأعطي دينارا ، ومن لم يقل ذلك ترك في أيدي الروم .

فلما كان في عاشوراء سنة إحدى وثلاثين اجتمع المسلمون ومن معهم من الأسرى على النهر ، وأتت الروم ومن معهم من الأسرى ، وكان النهر بين الطائفتين ، فكان المسلمون يطلقون الأسير ، فيطلق الروم الأسير من المسلمين ، فيلتقيان في وسط النهر ، ويأتي هذا أصحابه ، فإذا وصل الأسير إلى المسلمين كبروا ، وإذا وصل الأسير إلى الروم صاحوا ، حتى فرغوا .

وكان عدة أسرى المسلمين أربعة آلاف وأربع مائة وستين نفسا ، والنساء والصبيان ثماني مائة ، وأهل ذمة المسلمين مائة نفس .

وكان النهر مخاضة تعبره الأسرى ، وقيل بل كان عليه جسر .

ولما فرغوا من الفداء غزا أحمد بن سعيد بن سلم الباهلي شاتيا ، فأصاب الناس ثلج ومطر ، فمات منهم مائتا نفس ، وأسر نحوهم ، وغرق بالبدندون خلق كثير ، فوجد الواثق على أحمد ، وكان قد جاء إلى أحمد بطريق من الروم ، فقال وجوه الناس لأحمد : إن عسكرا فيه سبعة آلاف لا تتخوف عليه ، فإن ( كنت كذلك فواجه القوم واطرق بلادهم ، ففعل ، وغنم نحوا من ألف بقرة وعشرة آلاف شاة وخرج ، فعزله الواثق ، واستعمل مكانه نصر بن حمزة الخزاعي في جمادى الأولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية