صفحة جزء
ذكر أخبار الزنج

وفيها نفذ قائد الزنج جيوشه إلى ناحية البطيحة ودست ميسان .

وكان سبب ذلك أن تلك النواحي ، لما خلت من العساكر السلطانية بسبب عود مسرور لحرب يعقوب ، بث صاحب الزنج سراياه فيها ، تنهب ، وتخرب .

وأتته الأخبار بخلو البطيحة من جند السلطان ، فأمر سليمان بن جامع ، وجماعة من أصحابه بالمسير إلى الحوانيت ، وسليمان بن موسى بالمسير إلى القادسية .

وقدم ابن التركي في ثلاثين شذاة يريد عسكر الزنج ، فنهب ، وأحرق ، فكتب الخبيث إلى سليمان بن موسى يأمره بمنعه من العبور ، فأخذ سليمان عليه الطريق ، فقاتلهم شهرا حتى تخلص ، وانحاز سليمان بن جامع من مذكوري البلالية ، وأنجادهم ، جمع كثير في خمسين ومائة سميرية ، وكان مسرور قد وجه قبل مسيره عن واسط إلى المعتمد جماعة من أصحابه إلى سليمان في شذوات ، فظفر بهم سليمان وهزمهم ، وأخذ منهم سبع شذوات وقتل من أسر منهم .

وأشار الباهليون على سليمان أن يتحصن في عقر ، ما وراء طهثا ، والأدغال التي فيها ، كرهوا خروجه عنهم لموافقته في فعله ، وخافوا السلطان ، فسار إليه ، فنزل بقرية مروان ، بالجانب الشرقي من نهر طهثا ، وجمع إليه رؤساء الباهليين ، وكتب إلى الخبيث يعلمه بما صنع ، فكتب إليه يصوب رأيه ، ويأمر بإنفاذ ما عنده من ميرة ونعم ، فأنفذ ذلك إليه .

وورد على سليمان أن أغرتمش ، وحشيشا قد أقبلا في الخيل والرجال ، [ ص: 336 ] والسميريات ، والشذا يريدون حربه ، فجزع جزعا شديدا ; فلما أشرفوا عليه ورآهم أخذ جمعا من أصحابه وسار راجلا ، واستدبر أغرتمش ، وجد أغرتمش في المسير إلى عسكر سليمان ، وكان سليمان قد أمر الذي استخلفه من جيشه أن لا يظهر منهم أحد لأصحاب أغرتمش ، وأن يخفوا أنفسهم ما قدروا إلى أن يسمعوا أصوات طبولهم ، فإذا سمعوها خرجوا عليه .

وأقبل أغرتمش إليهم ، فجزع أصحاب سليمان جزعا عظيما ، فتفرقوا ، ونهضت شرذمة منهم ، فواقعوهم ، وشغلوهم عن دخول العسكر ، وعاد سليمان من خلفهم ، وضرب طبوله ، وألقوا أنفسهم في الماء للعبور إليهم ، فانهزم أغرتمش وظهر من كان من السودان بطهثا ، ووضعوا السيوف فيهم ، وقتل حشيش ، وانهزم أغرتمش ، وتبعه الزنوج إلى عسكره ، فنالوا حاجاتهم منه ، وأخذوا منهم شذوات فيها مال ، وغيره ، فعاد أغرتمش فانتزعها من أيديهم ، فعاد سليمان وقد ظفر وغنم ، وكتب إلى صاحب ( الزنج بالخبر ، وسير إليه رأس حشيش ، فسيره إلى علي بن أبان ، وهو بنواحي ) الأهواز ، وسير سليمان سرية ، فظفروا بإحدى عشرة شذاة ، وقتلوا أصحابها .

التالي السابق


الخدمات العلمية