الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وقعة للزنج عظيمة انهزموا فيها

وفيها كانت وقعة للزنوج مع أحمد بن ليثويه ; وكان سببها أن مسرورا البلخي وجه أحمد بن ليثويه إلى كور الأهواز ، فنزل السوس ، وكان يعقوب الصفار قد قلد محمد بن عبيد الله بن هزارمرد الكردي كور الأهواز ، فكاتب محمدا قائد الزنج يطمعه في الميل إليه ، وأوهمه أنه يتولى له كور الأهواز .

وكان محمد يكاتبه قديما ، وعزم على مداراة الصفار ، وقائد الزنج ، حتى يستقيم الأمر فيها ، فكاتبه صاحب الزنج يجيبه إلى ما طلب على أن يكون علي بن أبان المتولي للبلاد ، ومحمد بن عبيد الله يخلفه عليها ، فقبل محمد ذلك ، فوجه إليه علي بن أبان جيشا كثيرا ، وأمدهم محمد بن عبيد الله ، فساروا نحو السوس ، فمنعهم أحمد بن ليثويه ومن معه من جند الخليفة عنها ، وقاتلهم فقتل منهم خلقا كثيرا ، وأسر جماعة .

وسار أحمد حتى نزل سابور ، وسار علي بن أبان من الأهواز ممدا محمد بن [ ص: 337 ] عبيد الله على أحمد بن ليثويه ، فلقيه محمد في جيش كثير من الأكراد ، والصعاليك ، ودخل محمد تستر ، فانتهى إلى أحمد بن ليثويه الخبر بتضافرهما على قتاله ، فخرج عن جنديسابور إلى السوس .

وكان محمد قد وعد علي بن أبان أن يخطب لصاحبه قائد الزنج يوم الجمعة على منبر تستر ، فلما كان يوم الجمعة خطب للمعتمد ، وللصفار ، فلما علم علي بن أبان ذلك انصرف إلى الأهواز ، وهدم قنطرة كانت هناك لئلا تلحقه الخيل ، فانتهى أصحاب علي إلى عسكر مكرم فنهبوها ، وكانت داخلة في سلم الخبيث ، فغدروا بها وساروا إلى الأهواز .

فلما علم أحمد ذلك أقبل إلى تستر ، فواقع محمد بن عبيد الله ومن معه ، فانهزم محمد بن عبيد الله ، ودخل أحمد تستر .

وأتت الأخبار علي بن أبان بأن أحمد على قصدك ، فسار إلى لقائه ومحاربته ، فالتقيا ، واقتتل العسكران ، فاستأمن إلى أحمد جماعة من الأعراب الذين مع علي بن أبان ، فانهزم باقي أصحاب علي ، وثبت معه جماعة يسيرة ، واشتد القتال ، وترجل علي بن أبان ، وباشر القتال راجلا ، فعرفه بعض أصحاب أحمد فأنذر الناس به ، فلما عرفوه انصرف هاربا ، وألقى نفسه في المسرقان ، فأتاه بعض أصحابه بسميرية ، فركب فيها ونجا مجروحا ، وقتل من أبطال أصحابه جماعة كثيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية