صفحة جزء
ذكر غرق نصير

وفي يوم الأحد لعشر بقين من شعبان غرق أبو حمزة نصير ، وهو صاحب الشذوات .

وكان سبب غرقه أن الموفق بكر إلى القتال ، وأمر نصيرا بقصد قنطرة كان الخبيث عملها في نهر أبي الخصيب دون الجسرين اللذين كان اتخذهما على النهر ، وفرق أصحابه من الجهات ، فعجل نصير ، فدخل نهر أبي الخصيب ، في أول المد ، في عدة من شذواته ، فحملها الماء فألصقها بالقنطرة ، ودخلت عدة من شذوات الموفق مع غلمانه [ ص: 406 ] [ ممن ] لم يأمرهم بالدخول ، فصكت شذوات نصير ، وصك بعضها بعضا ، ولم يبق للملاحين فيها عمل .

ورأى الزنج ذلك فاجتمعوا على جانبي النهر ، وألقى الملاحون أنفسهم في الماء خوفا من الزنج ، ودخل الزنج الشذوات ، فقتلوا بعض المقاتلة ، وغرق أكثرهم ، وصابرهم نصير ، حتى خاف الأسر ، فقذف نفسه في الماء فغرق ، وأقام الموفق يومه يحاربهم ، وينهبهم ، ويحرق منازلهم ، ولم يزل يومه مستعليا عليهم .

وكان سليمان بن جامع ذلك اليوم من أشد الناس قتالا لأصحاب الموفق ، وثبت مكانه ، حتى خرج عليه كمين للموفق ، فانهزم أصحابه ، وجرح سليمان جراحة في ساقه ، وسقط لوجهه في موضع كان فيه حريق ، وفيه بعض الجمر ، فاحترق بعض جسده ، وحمله أصحابه بعد أن كاد يؤسر ، وانصرف الموفق سالما ظافرا .

وأصاب الموفق مرض المفاصل ، فبقي به شهر شعبان ، وشهر رمضان ، وأياما من شوال ، وأمسك عن حرب الزنج ، ثم برأ ، وتماثل ، فأمر بإعداد آلة الحرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية