صفحة جزء
[ ص: 111 ] ( 535 )

ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وخمسمائة

ذكر مسير جهاردانكي إلى العراق وما كان منه

في هذه السنة أمر السلطان مسعود الأمير إسماعيل المعروف بجهاردانكي ، والبقش كون خر ، بالمسير إلى خوزستان وفارس وأخذهما من بوزابة ، وأطلق لهما نفقة على بغداد ، فسارا فيمن معهما إلى بغداد ، فمنعهم مجاهد الدين بهروز من دخولها فلم يقبلوا منه ، فأرسل إلى المعابر فخسفها وغرقها ، وجد في عمارة السور ، وسد باب الظفرية وباب كلواذى ، وأغلق باقي الأبواب ، وعلق عليها السلاح وضرب الخيام للمقاتلة .

فلما علما بذلك عبرا بصرصر ، وقصدا الحلة ، فمنعا منها ، فقصدا واسط ، فخرج إليهما الأمير طرنطاي وتقاتلوا ، فانهزم طرنطاي ، ودخلوا واسط فنهبوها ونهبوا بلد فرسان ، والنعمانية ، وانضم طرنطاي إلى حماد بن أبي الخير صاحب البطيحة ، ووافقهم عسكر البصرة ، وفارق إسماعيل والبقش بعض عسكرهما ، وصاروا مع طرنطاي فضعف أولئك ، فسار إلى تستر ، واستشفع إسماعيل إلى السلطان فعفا عنه .

ذكر عدة حوادث

في هذه السنة وصل رسول من السلطان سنجر ، ومعه بردة النبي - صلى الله عليه [ ص: 112 ] وسلم - والقضيب ، وكانا قد أخذا من المسترشد ، فأعادهما الآن إلى المقتفي .

وفي هذه السنة توفي أتابك قراسنقر صاحب أذربيجان وأرانية بمدينة أردبيل ، وكان مرضه السل وطال به ، وكان من مماليك الملك طغرل ، وسلمت أذربيجان وأرانية إلى الأمير جاولي الطغرلي . وكان قراسنقر علا شأنه على سلطانه ، وخافه السلطان .

وفيها كان بين أتابك زنكي وبين داود سقمان بن أرتق صاحب حصن كيفا حرب شديدة ، وانهزم داود بن سقمان ، وملك زنكي من بلاده قلعة بهمرد ، وأدركه الشتاء فعاد إلى الموصل .

وفيها ملك الإسماعيلية حصن مصيات بالشام ، وكان واليه مملوكا لبني منقذ أصحاب شيزر ، فاحتالوا عليه ومكروا به حتى صعدوا إليه وقتلوه ، وملكوا الحصن وهو بأيديهم إلى الآن .

[ الوفيات ]

وفيها توفي سديد الدولة بن الأنباري ، واستوزر الخليفة بعده نظام الدين أبا [ ص: 113 ] نصر المظفر محمد بن محمد بن جهير ، وكان قبل ذلك أستاذ الدار .

وفيها توفي يرنقش بازدار صاحب قزوين .

وفيها في رجب ظفر ابن الدانشمند صاحب ملطية وغيرها من تلك النواحي بجمع من الروم فقتلهم ، وغنم ما معهم .

وفيها في رمضان سارت طائفة من الفرنج بالشام إلى عسقلان ليغيروا على أعمالها ، وهي لصاحب مصر ، فخرج إليهم العسكر الذي بعسقلان فقاتلهم ، فظفر المسلمون ، وقتلوا من الفرنج كثيرا ، فعادوا منهزمين .

وفيها بنيت المدرسة الكمالية ببغداد ، بناها كمال الدين أبو الفتوح بن طلحة صاحب المخزن ، ولما فرغت درس فيها الشيخ أبو الحسن بن الخل ، وحضره أرباب المناصب وسائر الفقهاء .

[ الوفيات ]

وفيها في رجب مات القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قاضي المارستان عن نيف وتسعين سنة ، وله الإسناد العالي في الحديث ، وكان عالما بالمنطق ، والحساب ، والهيئة ، وغيرها من علوم الأوائل ، وهو آخر من حدث في الدنيا عن أبي إسحاق البرمكي ، والقاضي أبي الطيب الطبري ، وأبي طالب العشاري ، وأبي محمد الجوهري وغيرهم .

وتوفي الإمام الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصفهاني [ ص: 114 ] عاشر ذي الحجة ، ومولده سنة تسع وخمسين [ وأربعمائة ] وله التصانيف المشهورة .

وتوفي يوسف بن أيوب بن يوسف بن الحسن أبو يعقوب الهمذاني من أهل بروجرد ، وسكن مرو ، وتفقه على أبي إسحاق الشيرازي ، وروى الحديث ، واشتغل بالرياضات ، والمجاهدات ، ووعظ ببغداد ، فقام إليه متفقه يقال له ابن السقاء وسأله ، وآذاه في السؤال ، فقال : اسكت ، إني أشم منك ريح الكفر ! فسافر الرجل إلى بلد الروم وتنصر .

وفيها مات أبو القاسم علي بن أفلح الشاعر المشهور .

التالي السابق


الخدمات العلمية