ذكر 
حال  غياث الدين  مع  ألدز  وأيبك 
لما عاد  
ألدز  إلى 
غزنة  ، وأسر  
علاء الدين  وأخاه  
جلال الدين     - كما ذكرناه - كتب إليه  
غياث الدين  يطالبه بالخطبة له ، فأجابه جواب مدافع ، وكان جوابه في هذه المرة أشد منه فيما تقدم ، فأعاد  
غياث الدين  إليه يقول : إما أن تخطب لنا ، وإما أن تعرفنا ما في نفسك ، فلما وصل الرسول بهذا أحضر خطيب  
غزنة  وأمره [ أن ] يخطب لنفسه بعد الترحم على  
شهاب الدين  ، فخطب  
لتاج الدين ألدز  بغزنة    . 
فلما سمع الناس ذلك ساءهم ، وتغيرت نياتهم ، ونيات 
الأتراك  الذين معه ، ولم يروه أهلا أن يخدموه ، وإنما كانوا يطيعونه ظنا منهم أنه ينصر دولة  
غياث الدين  ، فلما خطب له أرسل إلى  
غياث الدين  يقول له : بماذا تشتط علي ، وتتحكم في هذه الخزانة ؟ نحن جمعناها بأسيافنا ، وهذا الملك قد أخذته ، وأنت قد اجتمع عندك الذين هم   
[ ص: 243 ] أساس الفتنة ، وأقطعتهم الإقطاعات ، ووعدتني بأمور لم تقف عليها ، فإن أنت أعتقتني خطبت لك وحضرت خدمتك . 
فلما وصل الرسول أجابه  
غياث الدين  إلى عتق  
ألدز  ، بعد الامتناع الشديد ، والعزم على مصالحة  
خوارزم شاه  على ما يريد ، وقصد 
غزنة  ومحاربته بها ، فلما أجابه إلى العتق أشهد عليه به ، وأشهد عليه أيضا بعتق  
قطب الدين أيبك  ، مملوك  
شهاب الدين  ونائبه ببلاد 
الهند  ، وأرسل إلى كل واحد منهما ألف قباء ، وألف قلنسوة ، ومناطق الذهب ، وسيوفا كثيرة وجترين ، ومائة رأس من الخيل ، وأرسل إلى كل واحد منهما رسولا ، فقبل  
ألدز  الخلع ، ورد الجتر ، وقال : نحن عبيد ومماليك ، والجتر له أصحاب . 
وسار رسول  
أيبك  إليه ، وكان 
بفرشابور  قد ضبط المملكة وحفظ البلاد ، ومنع المفسدين من الفساد والأذى ، والناس معه في أمن ، فلما قرب الرسول منه لقيه على بعد ، وترجل وقبل حافر الفرس ، ولبس الخلعة ، وقال : أما الجتر فلا يصلح للمماليك ، وأما العتق فمقبول ، وسوف أجازيه بعبودية الأبد . 
وأما  
خوارزم شاه  فإنه أرسل إلى  
غياث الدين  يطلب منه أن يتصاهرا ، ويطلب منه  
ابن خرميل  صاحب 
هراة  إلى طاعته ، ويسير معه في العساكر إلى 
غزنة    . فإذا ملكها من  
ألدز  اقتسموا المال أثلاثا : ثلث  
لخوارزم شاه  ، وثلث  
لغياث الدين  ، وثلث للعسكر فأجابه إلى ذلك ، ولم يبق إلا الصلح ، فوصل الخبر إلى  
خوارزم شاه  بموت صاحب 
مازندران  ، فسار عن 
هراة  إلى 
مرو  ، وسمع  
ألدز  بالصلح ، فجزع لذلك جزعا عظيما ظهر أثره عليه ، وأرسل إلى  
غياث الدين     : ما حملك على هذا ؟ فقال : حملني عليه عصيانك وخلافك علي . فسار  
ألدز  إلى 
تكياباذ  فأخذها ، وإلى 
بست  ، وتلك الأعمال فملكها ، وقطع خطبة  
غياث الدين  منها ، وأرسل إلى صاحب 
سجستان  يأمره بإعادة الترحم على  
شهاب الدين  ، وقطع خطبة  
خوارزم شاه  ، وأرسل إلى  
ابن خرميل  ، صاحب 
هراة  ، بمثل ذلك ، وتهددهما بقصد بلادهما ، فخافهما الناس .  
[ ص: 244 ] ثم إن  
ألدز  أخرج  
جلال الدين  ، صاحب 
باميان  ، من أسره ، وسير معه خمسة آلاف فارس مع  
أي دكز التتر  ، مملوك  
شهاب الدين  ، إلى 
باميان  ليعيدوه إلى ملكه ويزيلوا ابن عمه عنه ، وزوجه ابنته ، وسار ومعه  
أي دكز  ، فلما خلا به وبخه على لبسه خلعة  
ألدز  وقال له : أنتم ما رضيتم [ أن ] تلبسوا خلعة  
غياث الدين  ، وهو أكبر سنا منكم ، وأشرف بيتا ، تلبس خلعة هذا المأبون ! - يعني  
ألدز     - ، ودعاه إلى العود معه إلى 
غزنة  ، وأعلمه أن 
الأتراك  كلهم مجمعون على خلاف  
ألدز     . 
فلم يجبه إلى ذلك ، فقال  
أي دكز     : فإنني لا أسير معك ، وعاد إلى 
كابل  ، وهي إقطاعه ، فلما وصل  
أي دكز  إلى 
كابل  لقيه رسول من  
قطب الدين أيبك  إلى  
ألدز  يقبح له فعله ، ويأمره بإقامة خطبة  
غياث الدين  ، ويخبره أنه قد خطب له في بلاده ، ويقول له إن لم يخطب له هو أيضا 
بغزنة  ويعود إلى طاعته ، وإلا قصده وحاربه . 
فلما علم  
أي دكز  ذلك قويت نفسه على مخالفة  
ألدز  ، وصمم العزم على قصد  
غزنة     . ووصل أيضا رسول  
أيبك  إلى  
غياث الدين  بالهدايا والتحف ، ويشير عليه بإجابة  
خوارزم شاه  إلى ما طلب الآن ، وعند الفراغ من أمر 
غزنة  تسهل أمور  
خوارزم شاه  وغيره ، وأنفذ له ذهبا عليه اسمه ، فكتب  
أي دكز  إلى  
أيبك  يعرفه عصيان  
ألدز  على  
غياث الدين  وما فعله في البلاد ، وأنه على عزم مشاقة  
ألدز  ، وهو ينتظر أمره ، فأعاد  
أيبك  جوابه يأمره بقصد 
غزنة  ، فإن حصلت له القلعة أقام بها إلى أن يأتيه ، وإن لم تحصل له القلعة وقصده  
ألدز  انحاز إليه ، أو إلى  
غياث الدين  ، أو يعود إلى 
كابل    . 
فسار إلى 
غزنة  ، وكان  
جلال الدين  قد كتب إلى  
ألدز  يخبره خبر  
أي دكز  وما عزم عليه ، فكتب  
ألدز  إلى نوابه بقلعة 
غزنة  يأمرهم بالاحتياط منه ، فوصلها  
أي دكز  أول رجب من السنة ، وقد حذروه فلم يسلموا إليه القلعة ، ومنعوه عنها ، فأمر أصحابه بنهب البلد ، فنهبوا عدة مواضع منه ، فتوسط  
القاضي الحال  بأن سلم إليه من الخزانة خمسين ألف دينار ركنية ، وأخذ له من التجار شيئا آخر ، وخطب  
أي دكز  بغزنة  لغياث الدين  ، وقطع خطبة  
ألدز  ، ففرح الناس بذلك . 
وكان  
مؤيد الملك  ينوب عن  
ألدز  بالقلعة ، ووصل الخبر إلى  
ألدز  بوصول  
أي   [ ص: 245 ] دكز  إلى 
غزنة  ، ووصول رسول  
أيبك  إليه ، ففت في عضده ، وخطب  
لغياث الدين  في 
تكياباذ  ، وأسقط اسمه من الخطبة ، فخطب له ، ورحل إلى 
غزنة  ، فلما قاربها رحل  
أي دكز  عنها إلى بلد 
الغور  ، فأقام في 
تمران  ، وكتب إلى  
غياث الدين  يخبره بحاله ، وأنفذ إليه المال الذي أخذه من الخزانة ومن أموال الناس ، فأرسل إليه خلعا وأعتقه ، وخاطبه بملك الأمراء ، ورد عليه المال الذي كان أخذه من الخزانة ، وقال له : أما مال الخزانة فقد أعدناه إليك لتخرجه ، وأما أموال التجار وأهل البلد فقد أرسلته ( مع رسولي ليعاد ) إلى أربابه لئلا نفتتح دولتنا بالظلم ، وقد عوضتك عنه ضعفه . 
وأرسل أموال الناس إلى 
غزنة  ، إلى قاضي 
غزنة  ، وأمره أن يرد المال ( المنفذ ) على أربابه ، فأنهى  
القاضي الحال  إلى  
ألدز  ، وأشار عليه بالخطبة  
لغياث الدين  ، وقال : أنا أسعى في الوصلة بينكما والصهر والصلح ، فأمره بذلك ، فبلغ الخبر إلى  
غياث الدين  ، فأرسل إلى القاضي ينهاه عن المجيء إليه ، وقال : لا تسأل في عبد أبق قد بان فساده واتضح عناده ، فأقام 
بغزنة  هو  
وألدز  ، وسير  
غياث الدين  عسكرا إلى  
أي دكز  التتر ، فأقاموا معه ، وسير  
ألدز  عسكرا إلى 
روين كان  ، وهي  
لغياث الدين  ، وقد أقطعها لبعض الأمراء ، فهجموا على صاحبها ، فنهبوا ماله ، وأخذوا أولاده ، فنجا وحده إلى  
غياث الدين  ، فاقتضى الحال أن سار  
غياث الدين  إلى 
بست  وتلك الولاية ، فاستردها وأحسن إلى أهلها ، وأطلق لهم خراج سنة لما نالهم من  
ألدز  من الأذى .