صفحة جزء
فصل

وأما الإمام أحمد رحمه الله فقال في رواية أبي طالب : ولا تتزين المعتدة ، ولا تتطيب بشيء من الطيب ، ولا تكتحل بكحل زينة وتدهن بدهن ليس فيه طيب ، ولا تقرب مسكا ، ولا زعفرانا للطيب ، والمطلقة واحدة أو اثنتين تتزين وتتشوف لعله أن يراجعها . ، وقال أبو داود في " مسائله " : سألت أحمد قال : المتوفى عنها زوجها والمطلقة ثلاثا والمحرمة يجتنبن الطيب والزينة .

وقال حرب في " مسائله " : سألت أحمد رحمه الله قلت : المتوفى عنها زوجها والمطلقة هل تلبسان البرد ليس بحرير ؟ فقال : لا تتطيب المتوفى عنها ، ولا تتزين بزينة وشدد في الطيب إلا أن يكون قليلا عند طهرها .

ثم قال : وشبهت المطلقة ثلاثا بالمتوفى عنها لأنه ليس لزوجها عليها رجعة ، ثم ساق حرب بإسناده إلى أم سلمة قال المتوفى عنها لا تلبس المعصفر من الثياب ، ولا [ ص: 628 ] تختضب ، ولا تكتحل ، ولا تتطيب ، ولا تمتشط بطيب .

وقال إبراهيم بن هانئ النيسابوري في " مسائله " : سألت أبا عبد الله ، عن المرأة تنتقب في عدتها ، أو تدهن في عدتها ؟ قال : لا بأس به وإنما كره للمتوفى عنها زوجها أن تتزين .

وقال أبو عبد الله : كل دهن فيه طيب فلا تدهن به ، فقد دار كلام الإمام أحمد ، والشافعي ، وأبي حنيفة رحمهم الله على أن الممنوع منه من الثياب ما كان من لباس الزينة من أي نوع كان ، وهذا هو الصواب قطعا ، فإن المعنى الذي منعت من المعصفر والممشق لأجله مفهوم ، والنبي صلى الله عليه وسلم خصه بالذكر مع المصبوغ تنبيها على ما هو مثله وأولى بالمنع ، فإذا كان الأبيض والبرود المحبرة الرفيعة الغالية الأثمان مما يراد للزينة لارتفاعهما وتناهي جودتهما كان أولى بالمنع من الثوب المصبوغ .

وكل من عقل عن الله ورسوله لم يسترب في ذلك لا كما قال أبو محمد بن حزم : إنها تجتنب الثياب المصبغة فقط ومباح لها أن تلبس بعد ما شاءت من حرير أبيض وأصفر من لونه الذي لم يصبغ ، وصوف البحر الذي هو لونه وغير ذلك .

ومباح لها أن تلبس المنسوج بالذهب والحلي كله من الذهب والفضة والجوهر والياقوت والزمرد وغير ذلك ، فهي خمسة أشياء تجتنبها فقط وهي الكحل كله لضرورة أو لغير ضرورة ولو ذهبت عيناها لا ليلا ولا نهارا ، وتجتنب فرضا كل ثوب مصبوغ مما يلبس في الرأس والجسد أو على شيء منه ، سواء في ذلك السواد والخضرة والحمرة والصفرة وغير ذلك إلا العصب وحده وهي ثياب موشاة تعمل في اليمن فهو مباح لها .

وتجتنب أيضا : فرضا الخضاب كله جملة ، وتجتنب الامتشاط حاشا التسريح بالمشط فقط فهو حلال لها ، وتجتنب أيضا فرضا الطيب كله ، ولا تقرب شيئا حاشا شيئا من قسط أو أظفار عند طهرها فقط ، فهذه الخمسة التي ذكرها حكينا كلامه فيها بنصه .

التالي السابق


الخدمات العلمية