[ ص: 96 ] فصل 
في سياق هديه صلى الله عليه وسلم في حجته 
لا خلاف أنه لم يحج بعد هجرته إلى 
المدينة  سوى حجة واحدة وهي حجة الوداع ، ولا خلاف أنها كانت سنة عشر . 
واختلف : هل حج قبل الهجرة ؟ فروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي  ، عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله  رضي الله عنه قال : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000992حج النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث حجج  : حجتين قبل أن يهاجر ، وحجة بعدما هاجر معها عمرة  ) . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي   : هذا حديث غريب من حديث 
سفيان   . قال وسألت 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070محمدا - يعني البخاري   - عن هذا ، فلم يعرفه من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري  ، وفي رواية لا يعد هذا الحديث محفوظا . 
ولما نزل فرض الحج ، بادر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحج من غير تأخير ، فإن فرض الحج تأخر إلى سنة تسع أو عشر وأما قوله تعالى : ( 
وأتموا الحج والعمرة لله  ) [ البقرة : 196] ، فإنها وإن نزلت سنة ست عام 
الحديبية  ، فليس فيها فرضية الحج وإنما فيها الأمر بإتمامه وإتمام العمرة بعد الشروع فيهما ، وذلك لا يقتضي وجوب الابتداء فإن قيل : فمن أين لكم تأخير نزول فرضه إلى التاسعة أو العاشرة ؟ قيل : لأن صدر سورة آل عمران نزل عام الوفود ، وفيه قدم 
وفد نجران  على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصالحهم على أداء الجزية ، والجزية إنما نزلت عام 
تبوك  سنة تسع وفيها نزل صدر سورة آل عمران ، وناظر أهل الكتاب ودعاهم إلى التوحيد والمباهلة ، ويدل عليه أن أهل 
مكة  وجدوا في نفوسهم على ما فاتهم من التجارة من المشركين لما أنزل الله تعالى : ( 
ياأيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا  ) [ التوبة : 28] ، فأعاضهم الله تعالى من ذلك بالجزية . ونزول هذه الآيات ، والمناداة بها ، إنما كان في سنة  
[ ص: 97 ] تسع ، وبعث الصديق يؤذن بذلك في 
مكة  في مواسم الحج ، وأردفه 
بعلي  رضي الله عنه ، وهذا الذي ذكرناه قد قاله غير واحد من السلف . والله أعلم .