موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

القاسمي - محمد جمال الدين القاسمي

صفحة جزء
القسم الأول : في طهارة الخبث

والنظر فيه يتعلق بالمزال والمزال به والإزالة .

الطرف الأول في المزال وهي النجاسة :

الأعيان ثلاثة : جمادات ، وحيوانات ، وأجزاء حيوانات . أما الجمادات فطاهرة كلها إلا الخمر ، وكل منتبذ مسكر ، والحيوانات طاهرة كلها إلا الكلب والخنزير ، فإذا ماتت فكلها نجسة إلا خمسة :

1 - الآدمي .

2 - والسمك .

3 - والجراد .

4 - ودود التفاح وفي معناه كل ما يستحيل من الأطعمة .

5 - وكل ما ليس له نفس سائلة كالذباب والخنفساء وغيرهما ، فلا ينجس الماء بوقوع شيء منها فيه .

وأما أجزاء الحيوانات فقسمان :

أحدهما : ما يقطع منه وحكمه حكم الميت ، والشعر لا ينجس بالجز والموت ، والعظم ينجس .

الثاني : الرطوبات الخارجة من باطنه ، فكل ما ليس مستحيلا ولا له مقر فهو طاهر كالدمع [ ص: 22 ] والعرق واللعاب والمخاط ، وما له مقر ، وهو مستحيل فنجس ، إلا ما هو مادة الحيوان كالمني والبيض . والقيح والدم والروث والبول نجس من الحيوانات كلها ، ولا يعفى عن شيء من هذه النجاسات قليلها وكثيرها إلا عن خمسة .

الأول : أثر النجو بعد الاستجمار بالأحجار يعفى عنه ما لم يعد المخرج .

والثاني : طين الشوارع وغبار الروث في الطريق يعفى عنه مع تيقن النجاسة بقدر ما يتعذر الاحتراز عنه ، وهو الذي لا ينسب المتلطخ به إلى تفريط أو سقطة .

الثالث : ما على أسفل الخف من نجاسة لا يخلو الطريق عنها فيعفى عنه بعد الدلك للحاجة .

الرابع : دم البراغيث ما قل منه أو كثر إلا إذا جاوز حد العادة سواء كان في ثوبك أو في ثوب غيرك فلبسته .

الخامس : دم البثرات وما ينفصل منها من قيح وصديد . دلك ابن عمر - رضي الله عنه - بثرة على وجهه فخرج منها الدم وصلى ولم يغسل . وفي معناه ما يترشح من لطخات الدماميل التي تدوم غالبا ، وكذلك أثر الفصد إلا ما يقع نادرا من جراح أو غيره فيلحق بدم الاستحاضة ولا يكون في معنى البثرات التي لا يخلو الإنسان عنها في أحواله ، ومسامحة الشرع في هذه النجاسات الخمس تعرفك أن أمر الطهارة على التساهل ، وما أبدع فيها وسوسة لا أصل لها .

التالي السابق


الخدمات العلمية